طلب الهداية والتوفيق والعصمة ونحوها ومنذ زمان كثير يختلج ذلك في صدر هذا الفقير عصمة الله ولا يجد ملجأ غير التفويض إلى علمه تعالى والتبعية بالنصوص والسلف، ثم اطلعت في بحث الأفعال الاختيارية للعبد من البيضاوي ولصعوبة هذا المقام أنكر السلف مناظرته لتأديه إلى إنكار التكليف أو الشرك بالله ثم قال الأصفهاني بعد ما قال الأولى: هو طريق السلف من ترك المناظرة وتفويض العلم إلى الله تعالى، هذا ثم سبق إلى الخاطر أنه يجوز طلب المعاونة بالقاء نحو الشوق والمحبة وأخطار الأمر الملايم بالقلب على وجه يرجح العبد جانب الفعل مثلًا يعني يحصل الصرف بلا رتبة إيجاب واضطرار ونحوها لا يبعد صدوره عن الله تعالى؛ لأن الظاهر أنها من مقولة الكيف الذي هو موجود يتعين به الخلق على أنه لا شك في كونها موجودة في نفس الأمر، ولا يبعد صدور نحو هذا الموجود من الله تعالى كالموجودات الخارجية، وغايته لزوم عدم المخلوقية في بعض ما صدر عنه تعالى لعله لا بأس فيه، بل قد يفهم عن كلام بعض المحققين فلعلك بهذا القدر تفهم تحقيق المقام على وجه يرتفع حجب نحو الهداية والتوفيق، بل استصعاب البيضاوي واعتراف الأصفهاني حتى التفتازاني في شرح العقائد، وبالتأمل الصادق بحقائق المقام، ينكشف ظلمات الأوهام بعناية المفضل المنعام".
وقال في (١/ ٤٨): " (الطريقة) الظاهر طريقة المتابعة المذكورة (المحمدية) المنسوبة إلى محمّد - صلى الله عليه وسلم - من حيث الوصول إلى اعتقاده وأقواله مثلًا (فإن قلت الظاهر من هذا الإطلاق عدم اختصاص بأمر ومن تعلق لفظ الفاء اختصاصه بالاقتصاد أي ما بين الإفراط والتفريط (قلنا يجوز أن يكون المراد الطريقة المحمدية المتعلقة بالاقتصاد لكن يرد أن الاقتصاد إنما هو بعض فصول من بعض أبواب هذا الكتاب إلا أن يقال إن ما في هذا الفصل إنما هو حكمه وماهيته وإما مصداق أفراده فجميع ما في الكتاب ولو ادعاء أو أضافه ثم لفظ محمّد أشهر أسمائه - صلى الله عليه وسلم - التي هل هي ثلثمائة أو ألف أو تسعمائة وهو في الأصل مفعول من التحميد مبالغة الحمد يقال فلان محمود إذا أثنى على جميع خصاله وإذا بلغت النهاية وتكاملت يقال محمّد فوجه التسمية لبلوغ خصاله الحميدة إلى غاية الكمال ثم إن هذه المبالغة إنما هي من التكثير الذي هو بناء بابه لا من الصيغة (وأحببت أن أبين) أوضح (السيرة) من سار يسير بمعنى الطريقة أيضًا لكن في الصيغة إشارة إلى طريقة أرباب السلوك التي هي التصوف فالأول علم الظاهر والثاني إشارة إلى علم الباطن (الأحمدية) أي المنسوبة إلى أحمد يقال اسمه في الأرض محمّد وفي السماء أحمد (حتى يعرض عليها) أي على الطريقة المحمدية التي هي اسم لهذا الكتاب لأن هذه العبارة وإن دلت مطابقة على المعنى الوصفي الذي ذكر لكن فيه إشارة إلى اسم هذا الكتاب كأنه نقل من الوصفية إلى العلمية ووجه المناسبة بين المنقول والمنقول عنه ظاهر فالاسم مطابق للمسمى (عمله) ولو عمل قلب ولسان وإلا فلا يشمل جميع ما ذكر (كل سالك) كل من يريد سلوك طريق يوصل إلى رضي الله تعالى أو لقائه أو الجنة قدم العمل مع كونه مفعولًا على كل سالك مع كونه فاعلًا لاهتمام العمل لأن المقام مقام العمل يعني