السماوات السبع، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "ما السماوات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس"، رواه ابن عباس، وذكروا أن كل قائمة من قوائم الكرسي طولها مثل السماوات والأرض، وأن الكرسي تحملُه أربعة أملاك، لكل ملك أربعة أوجه وأقدامهم على الصخرة التي تحت الأرض السابعة السفلى، ملك على صورة آدم يسأل الرزق والمطر لبني آدم من السنة إلى السنة، وملك على صورة الثور يسأل الرزق للأنعام من السنة إلى السنة، وملك على صورة الأسد يسأل الرزق للوحوش من السنة إلى السنة، وملك على صورة النسر، وهو يسأل الرزق للطير من السنة إلى السنة، وأن بين حملة الكرسي وحملة العرش سبعين حجابًا من ظُلمة، وسبعين حجابًا من نور، غلظ كل حجاب مسيرة خمسمائة عام، ولولا ذلك لاحترقت حملة الكرسي من نور حملة العرش، وقال السدي: الكرسي تحت الأرض، والصحيح الأول وعليه فقيل يمكن أن يكون هو فلك البروج. وقال الحسن: الكرسي هو العرش، لأن السرير يوصف بأنه عرش، وبأنه كرسي، لأن كلا منهما يتمكن عليه المخلوق ولا يوصف الله بالقعود ولا بالقيام ولا بالتحيز، ولكن العرش والكرسي خلقان من مخلوقاته، كما خلق السماوات والأرض لحكمة، والكرسي في الأصل اسم لما يقعد عليه الإنسان ولا يفضل عن مقعدته، وكأنه منسوب في الأصل إلى الكرسي بكسر الكاف، وهو الأبوال والأبعار المتلبد بعضها على بعض، وقد قيل: إن كراسة الكتاب سميت لتركب بعض أوراقها على بعض، وقال ابن عباس: كرسيه تعالى علمه، كما يطلق على كرسي العالم على علمه تسمية لصفة العالم باسم مكانه الذي هو الكرسي، أو تشبيها للعلم بالكرسي، من حيث إن كل واحد منهما أمر يعتمد عليه، وقيل كرسيه ملكه، لأن الملك يجلس على الكرسي، فيسمى الملك بالضم باسم مكان الملك بفتحها، لأن الكرسي محل الملك، فيكون محلًا لملكه، وفي الميم قبل الكرسي هو الاسم الأعظم، لأن العالم يعتمد عليه، وقد قيل: وقد سميت كراسة الكتاب لما فيها من العلم، وهذا يناسب القول الأخير والقول بأن كرسيه علمه، وقيل قوله:{وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} تمثيل لعظمته تعالى، وليس المراد الجسم المذكور في الأحاديث، وفيه خروج عن الظاهر، ووجهه أنه تعالى خاطب الخلق بما يعرفون في ملوكهم، كما جعل الكعبة بيتًا يطوف الناس حوله، كما يطوف بيوت ملوكهم، وأمر الناس بزيارته كما يزور الناس بيوت ملوكهم، وذكروا أن الحجر الأسود يمين الله في أرضه، جعله موضعًا للتقبيل، كما تقبل الناس أيدي عظمائهم، وكما أثبت الميزان بمعنى تجويد الحساب وإتقانه، فكذلك أثبت العرش والكرسي" أ. هـ.
قلت: وبذلك عزيزي القارئ تتبين لك عقيدته الأباضية، ويتبين لك مدى تعصبه لها، ونبزه لمن خالفه.
وفاته: سنة (١٣٣٢ هـ) اثنتين وثلاثين وثلاثمائة وألف.
من مصنفاته: "تيسير التفسير" سبعة أجزاء، و "هميان الزاد إلى دار المعاد" أربعة عشر جزءًا في التفسير.