للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والنداء والاستغاثة وغيرها من أنواع العبادة.

ثم ذكر الشمس الأفغاني قول ابن قطلوبغا: في أن النذر الذي ينذره أكثر العوام -على ما هو مشاهد- كأن يكون لأنسان غائب -أو مريض أوله حاجة ضرورية. فهذا النذر باطل بالإجماع .. وزاد ابن عابدين: (ولا سيما في مولد السيد أحمد البدوي) كما في حاشية (٢/ ٤٦٧) (١) هكذا نقلناه عن الشمس الإفغاني بتصرف مختصر.

قلت: ولكن لو رجعنا إلى قصيدته مثلًا التي تناولنا قسمًا منها عن كتاب "حلية البشر" التي أرسلها إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم" لوجدنا استغاثته نفسه برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما في البيت:

قرعت بابك أرجو الله يرحمني ... فأنت غوث الندى حصن لمعتصم

وما بعدها من الأبيات، وهو في هذا يتوسل ويستغيث بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ولعله يرجو ذلك عنده، ولا يرجوه ولا يوافق عند غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو في ذلك سواء قد تكلم حول هذا التوسل في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزيارة المسجد النبوي الشريف، وقبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، ومن بعده الشيخ محمّد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، ولعل هذه هي أحد الأمور التي جعلت من ابن عابدين يطعن ويلمز الشيخ محمّد بن عبد الوهاب. وما زال أصحاب القبور، والدعوى إلى الإستغاثة عندها والتوسل بأصحابها، وخاصة قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حرب مع هذه الدعوى، ولعل الشيعة والصوفية في وقتنا هذا هم أوائل الناس بذلك، ولا أعلم كيف لم ينبه الشمس الأفغاني حول هذا الموضوع في ترجمة ابن عابدين عنده في "جهود علماء الحنفية" في موضعه السابق .. والله الموفق لخير السبيل.

ثم نذكر أن ابن عابدين من الصوفية على الطريقة النقشبندية، وذلك من خلال "مجموعة رسائله" (٢) التي نذكر منها مقاطعًا في تعريفه لبعض مصطلحات الصوفية. ضمن رسالته الموسومة "إجابة الغوث ببيان حال النقبا والنجبا والأبدال والأوتاد والغوث".

قال في الأقطاب (ص ٢٦٤): "جمع قطب وزان

قفل وهو في اصطلاحهم الخليفة الباطن وهو

سيد أهل زمانه سمى قطبا لجمعه لجميع المقامات

والأحوال ودورانها عليه مأخوذ من قطب

الرحى الحديدة التي تدور عليها، وفي شرح تائية

سيدي الشيخ شرف الدين عمر بن الفارض

لسيدي الشيخ عبد الرزاق القاشاني القطب في اصطلاح القوم أكمل إنسان متمكن في مقام الفردية تدور عليه أحوال الخلق وهو أما قطب بالنسبة إلى ما في عالم الغيب والشهادة من المخلوقات ولا يستخلف بدلًا عنه عند موته الأبدال ولا يقوم مقامه أحد من الخلائق وهو قطب الأقطاب المتعاقبة في عالم الشهادة لا يسبقه قطب ولا يخلفه آخر وهو الروح المصطفوى


(١) حاشية ابن عابدين (رد المحتار على درر المختار)، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي- ط / ٣، لسنة (١٤٠٤ هـ-١٩٨٤ م).
(٢) "مجموع رسائل ابن عابدين".