صلى الله عليه وسلم المخاطب بقول لولاك لما خلقت الأفلاك انتهى يعني لا يخلقه غيره في هذا المقام الكامل وإن خلقه فيما دونه كالخلفاء الراشدين وفي بعض كتب العارف بالله تعالى سيدى محيي الدين بن عربي قال أعلم أنهم قد يتوسعون في إطلاق لفظ القطب فيسمون كل من دار عليه مقام من المقامات قطبًا وانفرد به في زمانه على أبناء جنسه وقد يسمى رجل البلد قطب ذلك البلد وشيخ الجماعة قطب تلك الجماعة ولكن الأقطاب المصطلح على أن يكون لهم هذا الإسم مطلقًا من غير إضافة لا يكون إلا واحد وهو الغوث أيضًا وهو سيد الجماعة في زمانه ومنهم من يكون ظاهر الحكم ويحوز الخلافة الظاهرة كما حاز الخلافة الباطنة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله تعالى عليهم".
وقال في الأبدال (ص ٢٦): "جمع بدل سموا بذلك لما سيأتي في الحديث كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا أو لأنهم أبدلوا أخلاقهم السيئة ورضوا أنفسهم حتى صارت محاسن أخلاقهم حلية أعمالهم أو لأنهم خلف عن الأنبياء كما سيأتي في كلام أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه أو لما نقله الشهاب المنبنى عن العارف ابن عربي قال وإذا رحل البدل عن موضع ترك بدله فيه حقيقة روحانية تجتمع إليها أرواح أهل ذلك الموطن الذي رحل عنه هذا الولي فإن ظهر شوق من أناس ذلك الموطن شديد لهذا الشخص تجددت لهم تلك الحقيقة الروحانية التي تركها بدله فكلمتهم وكلموها وهو غائب عنها وقد يكون هذا من غير البدل لكن الفرق أن البدل يرحل ويعلم أنه ترك غير وغيره البدل لا يعرف ذلك وإن تركه انتهى وفي شرح الثانية للقاشاني المراد بالأبدال طائفة من أهل المحبة والكشف والمشاهدة والحضور يدعون الناس إلى التوحيد والإسلام لله تعالى بوجودهم العباد والبلاد ويدفع عن الناس بهم البلاء والفساد كما جاء في الحديث النبوي حكاية عن الله تعالى أنه قال (إذا كان الغالب على عبدي الاشتغال بي جعلت همه ولذته في ذكري فإذا جعلت همه ولذته في ذكري عشقني وعشقته ورفعت الحجاب فيما بيني وبينه لا يسهو إذا سهى الناس أولئك كلامهم كلام الأنبياء وأولئك هم الأبدال حقا أولئك الذين إذا أردت بأهل الأرض عقوبةً أو عذابًا ذكرتهم فيه فصرفته بهم عنهم) والأبدال أربعون رجلا لكل واحد منهم درجة مخصوصة ينطبق أول درجاتهم على آخر درجات الصالحين وآخرها على أول درجة القطب كلما مات واحد منهم أبدل الله تعالى مكانه أحدًا يدانيه ممن تحته ... ".
وقد نقل كلامًا عن ابن عربي وفوائد عنه في حلية الأبدال وغير ذلك.
وقال في (الأوتاد)(ص ٢٦٨): "قال العارف ابن عربي في بعض مؤلفاته وهؤلاء قد يعبر عنهم بالجبال كقوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (٦) وَالْجِبَال أَوْتَادًا} لأن حكم هؤلاء في العالم حكم الجبال في الأرض فإنه بالجبال يسكن ميل الأرض قال الشهاب المنيني عن المناوي الأوتاد أربعة في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون أحدهم يحفظ الله تعالى به المشرق والآخر المغرب والآخر الجنوب والآخر الشمال،