للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أن الطاعون من وخز الجن" (١). يشير إلى حديث أبي موسى: "الطاعون وخز أعدائكم من الجنّ، وهو لكم شهادة" (٢).

ومن ذلك تأويله للحديث الذي رواه البخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم. وجاء فيه: "إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم" يقول فيه ولا شك أن الجراثيم تلك تجري في خلايا جسم الإنسان وفي دمه، حيث تنقل الأمراض، وحيث تسري في البدن، مع أن المراد به في الحديث وسوسة الشيطان في صدر بني آدم ولكن لفظه عام.

ومن تأويلاتهم المرفوضة في أمر الجن ما زعموه في أمر رؤيتهم وحملهم، أنها من قبل التخييل والوهم، وأولوا من أجلها الأحاديث الصحيحة" (٣).

قلت: تم الكلام عن منهج المدرسة الإصلاحية في التفسير، نقلناه عن كتاب "العصرانيون" بتصرف.

أما عن موقف هذه المدرسة من السنة النبوية فننقل هنا ما يتعلق بالشيخ محمّد رشيد رضا فقد قال -أي صاحب الكتاب- في أحاديث الآحاد التي ردّها الإصلاحيون، لأنها تفيد ظنًّا، ولا مجال للظن في أمور العقائد:

"وأكد هذا المنهج السيد محمّد رشيد رضا بقوله: "أصول العقائد وقضايا الإيمان التي يكون بها المرء مؤمنًا .. لا يتوقف شيء منها على أحاديث الآحاد .. ".

أما عن تأثر الإصلاحيين بالمستشرقين في إثارة الشبه حول السنة، فقد قال صاحب كتاب "العصرانيون":

"وقد تأثر الإصلاحيون بشبه المستشرقين، وآراء المعتزلة، وكانوا جسرًا يسير فوقه العصرانيون في إثارة الشبه نفسها حول السنة النبوية".

ثم قال: "وقد شككوا في بعض ما في الصحيحين:

قال الشيخ محمّد رشيد رضا: "ودعوى وجود أحاديث موضوعة في أحاديث البخاري المسندة بالمعنى، لا يسهل على أحد إثباتها، ولكنه لا يخلو من أحاديث قليلة في متونها نظر، قد يصدق عليه بعض ما عدوه من علامات الوضع، وإن في البخاري أحاديث في أمور العادات والغرائز ليست من أصول الدين ولا فروعه .. فإذا تأملتم هذا وذاك، علمتم أنه ليست من أصول الإيمان، ولا من أركان الإسلام أن يؤمن المسلم بكل حديث رواه البخاري مهما يكن موضوعه .. فالعلماء الذين أنكروا صحة بعض نلك الأحاديث، لم ينكروها إلا بأدلة قامت عندهم، قد يكون بعضها صوابًا، وبعضها خطأ، ولا يعد أحدهم طاعنًا في دين الإسلام".

وإذا كانت دعوة السيد رشيد رضا مغلفة، فقد جاء من أنكر كثيرًا مما في الصحيحين من أتباع هذه المدرسة، كأحمد أمين، ومحمود أبي رية.

ولرد هذه الضلالة ننقل بعض أقوال العلماء .. قال الإمام النووي رحمه الله: "اتفق العلماء


(١) تفسير المنار (٣/ ٩٦).
(٢) انظر تفسير المنار (٧/ ٣١٩).
(٣) انظر تفسير المنار (٧/ ٥٢٦ - ٥٢٨).