للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أو في حكمها، وفي تحقيق بعض المفردات، أو الجمل اللغوية، والمسائل الخلافية بين العلماء، وفي الإكثار من شواهد الآيات في السور المختلفة، وفي بعض الاستطرادات لتحقيق مسائل تشتد حاجة المسلمين إلى تحقيقها، بما يثبتهم بهداية دينهم في هذا العصر، أو يقوي حجتهم على خصومه من الكفار والمبتدعة، أو يحل بعض المشكلات التي أعيا حلها، بما يطمئن به القلب، وتسكن إليه النفس (١) " أ. هـ.

ثم قال عن تذرعه بالمجاز والتشبيه: "كذلك نجد صاحب المنار يصرف بعض ألفاظ القرآن عن ظواهرها ويعدل بها إلى ناحية المجاز أو التشبيه، وذلك فيما يبدو مستبعدًا ومستغربًا لو أجرى على حقيقته، وهذا المسلك الذي جرى عليه الشيخ رشيد هو مسلك شيخه، ومسلك الزمخشري وغيره من المعتزلة، الذين اتخذوا التشبيه والتمثيل سبيلًا للفرار من الحقائق التي يصرح بها القرآن، ولا تعجز عنها قدرة الله، وإن بعدت عن منال البشر.

فمثلًا نجد صاحب المنار عندما نعرض لقوله تعالى في الآية (٤٧) من سورة النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا ... الآية}، نراه يستظهر أن المعنى المراد هنا هو (آمنوا بما نزلنا مصدقًا لما معكم من قبل أن نطمس وجوه مقاصدكم التي توجهتم إليها في كيد الإسلام، ونردها خاسئة خاسرة إلى الوراء، بإظهار الإسلام ونصره عليكم، وفضيحتكم فيما تأتونه باسم الدين والعلم الذي جاء به الأنبياء، وقد كان لهم عند نزول الآية شيء من المكانة والمعرفة والقوة، فهذا ما نفسرها به، على جعل الطمس والرد على الأدبار معنويين .. ثم سرد بعض أقوال المفسرين في هذه الآية، ثم بيّن أن ما اختاره هو رأي شيخه الذي مال إليه في دروسه (٢) ".

ثم تكلم عن رأيه في السحر فقال: "ثم إن صاحب المنار لا يرى السحر إلا ضربًا من التمويه والخداع، وليس له حقيقة كما يقول أهل السنة، وهو يوافق بهذا القول شيخه وقول المعتزلة من قبله: ولهذا نراه عندما فسّر قوله تعالى في الآية (٧) من سورة الأنعام: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيدِيهِمْ لَقَال الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إلا سِحْرٌ مُبِينٌ} نجده يقول: (والآية تدل على أن السحر خداع باطل، وتخييل يرى ما لا حقيقة له في صورة الحقائق .. ) (٣).

وهذا ولم يستطع الشيخ رشيد أن يرد حديث البخاري في سحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما فعل شيخه، ولكنه تأول الحديث على أنه كان من قبيل العقد عن النساء، وبين أن عذر من طعن في الحديث هو أن هشامًا راوي الحديث عن أبيه عن عائشة مطعون فيه من كثير من أئمة الجرح والتعديل" أ. هـ.

قلت: وأخيرًا فلا يفوتنا أن الرجل قد دافع عن


(١) تفسير المنار (٤/ ٤٢).
(٢) تفسير المنار (٥/ ١٤٥ - ١٤٦).
(٣) تفسير المنار (٧/ ٣١١).