للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

برهان والمعروف عند أئمة السلف والسلفيين هو الاستدلال بالنصوص والوقوف عندها وفقهم الله وأكثر من سوادهم وردّ كيد من يريدهم بسوء في نحره".

ثم قال في إثبات الرؤية:

"قال عند قوله تعالى من سورة الأعراف: {قَال لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي}.

لقد ذكر الشيخ ها هنا رحمة الله عليه مباحث متعددة في صفة الرؤية ثم قال: الكلمة الجامعة الخاتمة في مسألة الرؤية:

خلاصة الخلاصة أن رؤية العباد لربهم في الآخرة حق وأنها أعلى وأكمل النعيم الروحاني الذي يرتقي إليه البشر في دار الكرامة والرضوان وأنها أحق ما يصدق عليه قوله تعالى في كتابه الجيد: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}. وقوله في الحديث القدسي الذي رواه عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر"، وأن هذا وذاك مما يدل على مذهب السلف الذي عبر عنه بعضهم بأوجز عبارة اتفق عليها جميعهم وهي أنها رؤية بلا كيف ويؤيد ذلك اضطراب جميع أصناف العلماء في النصوص الواردة في نفيها وإثباتها سواء منهم أهل اللغة وأساطين البيان ونظار الفلسفة وعلم الكلام ورواة الأحاديث والآثار ومرتادو الصوفية وأولو الكشف والإلهام فلم تتفق طائفة من هؤلاء على قول فصل قطعي تضع به بقية الطوائف بدليلها اللغوي أو الأصولي أو العقلي أو فهم النص النقلي أو تسليم إلهامها الكشفي ولكن من نظر في جميع ما قالوا نظرة استقلال وإنصاف يجزم بأن ما كان عليه عامة السلف من إثبات كل ما صح به النقل والتفويض تأويله الذي يكون عليه في الآخرة إلى الله عزَّ وجلَّ هو الحق الذي يطمئن به القلب ويؤيده العلم والعقل وهو الأسلم والأحكم والأعلم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) (١).

• التفسير والمفسرون -وقد تكلم عن منهجه في التفسير-: "وأما منهجه فيه فهو عين ما نهجه الأستاذ الإمام، فلا تقيد بأقوال المفسرين، ولا تحكم للعقيدة في نص القرآن، ولا خوض في إسرائيليات، ولا تعيين لمبهمات، ولا تعلق بأحاديث موضوعة، ولا حشد لمباحث الفنون، ولا رجوع بالنص إلى اصطلاحات العلوم، بل شرح للآيات باسلوب رائع، وكشف عن المعاني بعبارة سهلة مقبولة، وتوضيح لمشكلات القرآن، ودفاع عنه يرد ما أثير حوله من شبهات، وبيان لهدايته، ودلالة إلى عظيم إرشاده، وتوقيف على حكم تشريعه، ومعالجة لأمراض المجتمع بناجع دوائه، وبيان لسنن الله في خليقته.

ولكنا نجد الشيخ رشيد -رحمه الله- يحيد عن هذا المنهج بعض الشيء وذلك بعد وفاة شيخه، واستقلاله بالعمل، ويحدثنا هو بذلك فيقول:

(وإنني لما استقللت بالعلم بعد وفاته، خالفت منهجه -رحمه الله تعالى- بالتوسع فيما يتعلق بالآية من السنة الصحيحة، سواء كان تفسيرًا لها،


(١) تفسير المنار (٩/ ١٧٧).