للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

المنتحلة وقابلها بما هو للقنوجي، كما فعل ذلك في هذا الشرع؛ ويقال أنه صنع كذلك في رسالة الاشتقاق وغيرها. والله أعلم بحقيقة ما قيل.

ولا يشفع في ذلك ما قاله في خطبة الروضة، أنه استوعب فيه لفظ شرح المؤلف ومعناه، وأضاف إليه ذكر مذاهب الفقهاء، ثم زاد عليه أشياء من حاشية شفاء الأوام للمؤلف ومن غيرها، فإن كل ذلك لا يبرر له أن ينسب لنفسه هذا الشرح لمجرد إضافة هذه الزيادات الضئيلة لا غير، والتي كانت أولى أن تكون تعليقًا عليه بالهامش، وكان أولى به ثم أولى أن يطبع شرح المؤلف لصاحبه ويطبع بهامشه هذه النقول التي زادها، وإذا كانت مثل هذه الزيادة مما يبيح انتحال المؤلفات لما انتسب كتاب إلى صاحبه؛ ومن العجيب أنك تقرأ كتاب الروضة الندية من أوله إلى آخره فلا تكاد تعثر بنسبة تدليل أو تحقيق من هذه التحقيقات العالية إلى الشوكاني مع أنها بلفظها ونصها للشوكاني، ومن ثمرات قريحته، أسهر فيها ليله وأكد فكره، ولقد كان أهل الحديث أخص الناس بالحرص على عزو كل قول لصاحبه، والبعد عن الإبهام والتدليس".

انتهى ما ذكره المحقق في مقدمته للكتاب المذكور.

فنقول وبالله التوفيق:

١ - أما قوله: "وتذكرنا ما كنا نسمعه من بعض أشياخنا أنه كان للقنوجي لمكانه في الملك والثروة جماعة من العلماء يؤلفون له ويختارون له نفائس الكتب يدخلون عليه نوعًا من التصرف ثم ينسبونها إليه، وكانوا يصنعون له ذلك في كتب الشوكاني لأنه كان قريب عهد".

فلا دليل عليه، إذ لو كان الأمر كذلك لاشتهر بين طلبة العلم، أضف إلى ذلك أن الحكم بمجرد الظن، وبمجرد أن الكلام قد قيل بدون تمحيص، لا يغني من الحق شيئًا كما قال تعالى: {وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيئًا}.

٢ - أما قوله بعد ذلك: "كما فعل ذلك في هذا الشرح، ويقال إنه صنع كذلك في رسالة الاشتقاق وغيرها" فيدخل أيضًا ضمن ما ذكرناه سابقًا بدليل قوله بعد الكلام السابق مباشرة: "والله أعلم بحقيقة ما قيل" ..

٣ - أما قوله: "ولا يشفع في ذلك ما قاله في خطبة الروضة" وما بعدها. فمع أن المحقق له وجه حق في اعتراضه ولكن لا ينبغي أن يتحامل بهذه الطريقة. فغاية ما يقال أنه قد أخطأ بفعله هذا وكان ينبغي له أن يميز بين المتن وبين تعليقاته، لكن أن يقال إنه سرق الكتاب ونسبه لنفسه من دون أن يشير إلى ذلك، فهذا قول مردود وغير مقبول.

ومن المعروف عن صديق حسن خان أنه كان يدافع عن التوحيد. وينشره بين الناس، ويبدو أن هذا الأمر قد أغاظ أهل الشرك والقبور، فبدأوا بدافع الحقد بإشاعة الأقاويل والأكاذيب هنا وهناك. وربما يكون ما سمعه المحقق من هذا القبيل.

ثم نقول: قال عبد الله بن صالح العبيد في مقدمة تحقيقه لكتاب "الدرر البهية" (١) للشوكاني


(١) كتاب "الدرر البهية في المسائل الفقهية" للشوكاني تحقيق وتعليق: عبد الله بن صالح بن حمد العبيد، ط / ١ دار العاصمة، لسنة (١٤١٧ هـ -١٩٩٧ م).