للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إليه القنوجي في مسألة الرؤية: "من خلال ما تقدم من الحديث عن رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، نلاحظ أن القنوجي اعتمد في إثبات الرؤية على الأدلة السمعية وهي عقلية أيضًا من الكتاب والسنة، ثم استشهد بأقوال السلف.

وكذلك بيّن خطأ تفسير المعتزلة في استدلالهم بالآيات القرآنية على نفي الرؤية، وبين أنها لا تحقق الهدف الذي أرادوا الوصول إليه من نفي الرؤية، بل اعتبرها دليلًا قاطعًا على إثباتها.

هذا المنهج الذي سلكه القنوجي قد سبق إليه علماء السلف، وطائفة كبيرة من علماء الأشاعرة.

يقول الإمام أحمد رحمه الله: "لم أنكرتم أن أهل الجنة ينظرون إلى ربهم .. فقالوا: إن معنى {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} أنها تنتظر الثواب من ربها، فقلنا: أنها مع ما تنتظر الثواب هي ترى ربها، فقالوا: إن الله لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة، وتلوا آية من المتشابه من قول الله جل ثناؤه {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرف معنى قول الله {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَار} وقال: "إنكم سترون ربكم".

وقال لموسى: {لَنْ تَرَانِي} ولم يقل لن أرى، فأيهما أولى؟ أن تتبع النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال: سترون ربكم، أو قول الجهمي حين قال: لا ترون ربكم، والأحاديث في أيدي أهل العلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أهل الجنة يرون ربهم لا يختلف فيها أهل العلم" (١) ".

• قلت: انتهى الكلام عن عقيدته في الأسماء والصفات وبعد هذا نريد أن نورد شبهة أثارها محقق كتاب "الدرر المضية، شرح الدرر البهية" محمّد عبد السلام القباني، متهمًا القنوجي بسرقة هذا الكتاب من الشوكاني وغيره كما .. قال:

"كنا نظن أن شرح الروضة الندية لصديق حسن القنوجي يغني عنه، ولكن بإطلاعنا عليه ومقابلته بشرح المؤلف الذي بأيدينا اكتشفنا أمرًا عظيمًا ما كان يصح أن يكون بين المؤلفين، ذلك أنا وجدنا الروضة الندية هي شرح المؤلف بلفظه تمامًا مضافًا إليه زيادات من كتاب (حجة الله البالغة) ومن كلام ابن القيم، ومنقوصًا منه ذكر مذاهب أهل البيت، ووجدنا مواضع محررة في نسختنا خيرًا منها في الروضة، ويظهر أن النسخة التي وقعت لصاحب الروضة وأخذها في كتابه كانت محرفة وناقصة ووجدناه قد وضع المتن مفرقًا في الشرح، فأثارت عندنا هذه المقابلة دهشة عظيمة من تصرف المؤلفين وإغارة بعضهم على ثمرات قرائح بعض. وتذكرنا ما كنا نسمعه من بعض أشياخنا، أنه كان للقنوجي لمكانه من الملك والثروة جماعة من العلماء يؤلفون له ويختارون له نفائس الكتب يدخلون عليها نوعًا من التصرف ثم ينسبونها إليه، وكانوا يصنعون له ذلك في كتب الشوكاني لأنه كان قريب عهد وكانت مؤلفاته نادرة المثال ولم تكد تنتشر، ومع كون الطباعة العربية كانت حديثة العهد بمصر والهند، وكانت غالية الكلف، فإن القنوجي لطول يده بالثروة كان كلما أتمّ كتابًا طبعه بمصر أو بالهند فيقضي بذلك على علم المؤلف الأول؛ ولا يتبين ذلك إلا لمن ظفر بأصل من تلك الأصول


(١) الرد على الزنادقة والجهمية (١٢٧).