• قلت: قال المغراوي في كتابه "المفسرون بين التأويل والإثبات" عن صاحب الترجمة:
"من أكابر علماء تونس وله ابن كان على منواله، توفي رحمه الله قبل عشر سنوات، أما الأب فكان آنذاك ما يزال على قيد الحياة فلا أدري الآن هل هو على قيد الحياة أم توفي؟ فإن كان الأخير، فغفر الله له ولجميع المسلمين.
فصاحب التفسير على طريقة أهل بلده تقليد المذهب المالكي، والتبحر في فروعه دون معرفة الدليل من الكتاب والسُّنة حتى يميز الحق من الباطل فالكلُّ عند المقلِّدة حق، خطأه، وصوابه، لا هم بالأئمة اقتدوا ولا للدليل اتبعوا ولهذا يقول الإمام ابن عبد البر كما في الجامع:
لا فرق بين مقلد وبهيمة ... تنقاد بين جنادل ودعاتر (١١٥/ ٢).
وقد حاول الشيخ أن يكثر في تفسيره من التحليلات اللغرية والبلاغية بأسلوب واسع.
وأما عقيدة الأسماء والصفات: فهو أشعري متطرف وقد صرح بذلك في بعض الصفات، يكثر من التحليلات والتعليلات ويظهر بعض الإعتراضات التي لا تزيد المذهب الأشعري إلا تقعرًا، ينظر إلى طاغوت التأويل الذي اتخذه الأشاعرة عمدة في صفات الله بأنه سيف مسلول على الملاحدة مع أن الذي يعرف حقيقته لا يزمع عنده جناح بعوضة، وإذا ذكر عقيدة السلف يذكرها بخلط وضعف وإنها عقيدة المساكين السذج والمطبوع ناقص ولكن فيه كفاية لمعرفة عقيدة الرجل.
صفه الرحمة:
قال عند قوله تعالى من سورة الفاتحة:{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} واسم الرحمة موضوع في اللغة العربية لرقة الخاطر وانعطافه نحو حي بحيث تحمل من اتصف بها على الرِّفق بالمرحوم والإحسان إليه ودفع الضر عنه وإعانته على المشاق فهي من الكيفيات النفسانية لأنها انفعال ولتلك الكيفية اندفاع يحمل صاحبها على أفعال وجودية بقدر استطاعته وعلى قدر قوة انفعاله فأصل الرحمة من مقولة الانفعال وآثارها من مقولة الفعل فإذا وصف موصوف بالرحمة كان معناه حصول الانفعال المذكور في نفسه وإذا أخبر عنه بأنه رحم غيره فهذه على معنى صدر عنه أثر من آثار الرحمة إذ لا تكون تعدية فعل رحم إلى المرحوم إلا على هذا المعنى فليس لماهية الرحمة جزئيات وجودية ولكنها جزئيات من أثرها فوصف الله تعالى بصفات الرحمة في اللغات ناشئ على مقدار عقائد أهلها فيما يجوز عليه ويستحيل، وكان أكثر الأمر مجسمة ثم يجيء في لسان الشرائع تعبيرًا عن المعاني العالية بأقصى ما تسمح به اللغات مع اعتقاد تنزيه الله عن أعراض