للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ويراد لازمه وهو الرضا عنه ومحبته إياه".

وتارة أخرى يتناقض فيرد على من يؤول اليد بالقدرة ولا بالنعمة -وهذا ما أوقع المؤولة في الحيرة إذ أن الأحاديث قد جاءت صريحة في إثبات اليد لله سبحانه وتعالى بدون الحاجة إلى التأويل- فيقول (٢٥/ ١٠٧): "وقال يد الله إلى آخره ومضى بالكلام فيه قوله يد الله حقيقة لكنها كالأيدي التي هي الجوارح ولا يجوز تفسيرها بالقدرة، كما قالت القدرية لأنه قوله وبيده الآخرى ينافي ذلك لأنه يلزم إثبات قدرتين وكذا لا يجوز أن تفسر بالنعمة لاستحالة خلق المخلوق بمخلوق مثله لأن النعم كلها مخلوقة وأبعد أيضًا من فسرها بالخزائن".

قلت: وفي كتاب "الماتريدية وموقفهم من الأسماء والصفات" وضمن فصل اعترافات الماتريدية والأشعرية بأن إثبات الصفات على طريقة السلف ليس من باب التشبيه أصلًا، يقول صاحب الكتاب: "فقد ذكر العيني عقيدة شيخ الإسلام وأقرها وقال في الدفاع عنه والرد على أعدائه من الماتريدية والأشعرية.

" .. بل الخالق سبحانه وتعالى بائن من المخلوقات ليس في مخلوقاته شيء من ذاته ولا في ذاته شيء من مخلوقاته .. {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، بل يوصف الله بما وصف الله به نفسه وبما وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل فلا تمثل صفاته بصفات خلقه، ومذهب السلف إثبات بلا تشبيه وتنزيه بلا تعطيل، وقد سئل الإمام مالك - رضي الله عنه - عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، فقال: "الاستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة".

فهذا الإمام -أي شيخ الإسلام- كما رأيت عقيدته، وكاشفت مريرته، فمن كان على هذه العقيدة كيف ينسب إليه الحلول والاتحاد، أو التجسيم أو ما يذهب إليه أهل الإلحاد .. ".

قلت: كلام الإمام البدر العيني صريح في أن إثبات الصفات بلا تكييف ولا تمثيل ليس من باب التشبيه في شيء. وفي نصه عبرة للماتريدية ولا سيما الكوثرية كما أنه نص صريح على سلامة عقيدة شيخ الإسلام! .

قلت: الكلام الذي نقله صاحب الكتاب هو مما قرظ به البدر العيني كتاب "الرد الوافر" لابن ناصر الدين، ويبدو أن هذا الكلام من الإمام البدر العيني [اعترافًا بسعة علم شيخ الإسلام وفضله ولكن من غير متابعة له في شواذه الأصلية والفرعية] (١) والله أعلم بما في النفوس.

وفاته: سنة (٨٥٥ هـ) خمس وخمسين وثمانمائة.

من مصنفاته: "عمدة القاري" في شرح صحيح البخاري، وشرح "التسهيل" لابن مالك، وله شرح على "التوضيح"، و"تذكرة نحوية"، و"مقدمة" في الصرف وشرح "معاني الآثار" للطحاوي.


(١) ما بين المعقوفتين منقول من مقدمة عمدة القارئ للعيني.