للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

* قلت: وقد ذكر د. ناصر القفاري في كتابه "مسألة التقريب" فتوى للشَّيخ محمود شلتوت تنص: على جواز التعبد بمذهب الشيعة الإمامية، وقد ذكر نصها بتوقيع شلتوت في (٢/ ٣٠٩) من التقريب، فمن أراد مراجعتها فلينظر تلك الوثيقة بنصها .. والله تعالى الموفق.

وعن تفسيره قال محمود شلتوت في معرض كلامه عن المتشابه في كتابه "تفسير القرآن الكريم" -الأجزاء العشرة الأولى- تساؤلًا افتراضيًا ونصه: "ولعل قائلًا يقول: كيف لا يكون في القرآن سر غير مدرك للبشر سوى معاني هذه الأحرف التي تتحدث عنها، وقد استفاض الحديث، وامتلأت الكتب في الأولين والآخرين بأن في القرآن محكمًا ومتشابهًا، وأن المحكم ما فهمه النَّاس، وعرفوا دلالته ومعناه، وأن المتشابه ما لم يفهمه النَّاس ولم يعرفوا دلالته ومعناه، وأن العلماء كانوا أمام هذا المتشابه فريقين: فريق السلف يرى التفويض وعدم الخوض في معناه، وفريق الخلف يرى التأويل وصرف اللفظ عن دلالته المعروفة إلى معنى يتفق مع ما دل عليه المحكم، ويعتبرون من ذلك أمثال قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيدِيهِمْ}، {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْويَّاتٌ بِيَمِينِهِ}. فهل كل ذلك لا يكفي في أن في القرآن ما لا يعرف معناه وراء فواتح السور؟

ثم يجيب عن هذا السؤال بأن معنى المتشابه الذي ورد في السؤال هو أحد أنواع المتشابه، والمعنى الآخر هو: "أن المتشابه المقابل للمحكم هو ما تعددت جهات دلالته، وكان موضعًا لخلاف العلماء، ومحلًا لاجتهادهم، وذلك يرجع إمَّا إلى الإختلاف في معنى مفرد ورد في الآية كالقرء في الحيض أو الطهر، أو في معنى تركيب كما نرى في قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، وإمَّا إلى تحكيم حديث صح عند الفقيه في معنى الآية بينما أن غيره لم يُحكمه في معناها لسبب من الأسباب التي يراها".

ثم يشير إلى أن هذا الخلاف في تفسير المتشابه قد أورد نزاعًا في بعض أمور العقائد الأخرى -غير الأسماء والصفات والقضايا الفقهية- مثل مسألة خلق الأفعال ورؤية الله سبحانه وتعالى وحقيقة الميزان والصراط وغيرها فيقول: "وكما وجدنا المتشابه بهذا المعنى في القضايا الفقهية، نجده أيضًا في قضايا أخرى لا تتعلق بصفات الله وتنزيهه، ولا بعقيدة ما، وذلك كما في المسائل العلمية التي عرض لها المتكلمون، واختلفت فيها فرقهم، مثل خلق الأفعال، ورؤية الباري، وحقيقة الميزان والصراط، وزيادة الصفات على الذّات وما إلى ذلك من المسائل التي أثر فيها الخلاف بين فريقي المعتزلة وأهل السنة، وكان لكل فريق -من القرآن- على ما رأى حجته ومستنده، ولا ريب أن خلاف المتكلمين في مثل هذه القضايا هو كخلاف الفقهاء في مذاهبهم وآرائهم، ففي النوعين لم يُرد الله أن يكلف عباده بقضية معينة، بل فتح باب الاجتهاد للعقل البشري ليسلكه الإنسان، ويحقق به نعمة الله عليه في الإدراك والفهم، والكل في ذلك مؤمن ناج