للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مرضي عند الله أخطأ أو أصاب، وهذا جانب تكفينا منه في هذا المقام تلك الإشارة، وأرجو أن يكون فيها بلاغ لقوم اتخذوا اختلاف العلماء في المسائل الكلامية التي هي وراء العقائد سبيلًا للطعن والتجريح في الإيمان والعقيدة، وما كان الله ليرضى عن الطعن والتجريح لرأى رآه الناظر في موضوع وضعه الله موضع النظر والاجتهاد".

قلت: سبحان الله! ! كيف يمكن أن يكون الخلاف في مسائل العقيدة كالخلاف في المسائل الفقهية، التي حدثت نتيجة لاختلافات في أصول الفقه وأمور اجتهادية نص عليها العلماء في كتب أسباب اختلاف الفقهاء -كما ذكر ذلك شيخ الإسلام في كتابه رفع الملام عن الأئمة الأعلام- فأمور العقيدة توقيفية لا يمكننا الاجتهاد فيها أو إقحام العقل البشري فيها بأي حال من الأحوال، فالرسول عليه الصَّلاة والسلام تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلَّا هالك، وعلماء السلف قد أشبعوا الكلام من أمور العقيدة، ولم يبقوا حجة لمعاند، ثم لماذا هذا التميع في أمر العقيدة، ولم يبقوا حجة لمعاند، فالإنسان إمَّا مع الحق أو ضده.

ثم بعد كلامه السابق يفصح عن معتقده في الأسماء والصفات وهو مذهب المؤولة من أهل الكلام وهم الأشاعرة والماتريدية: فيقول: "وبعد فلنا أن نختار في معنى المتشابه ذلك السرأي الذي يرجع إلى اختلاف الدلالة واحتمال المعاني المختلفة في آيات الأحكام، أو آيات المعارف، على النحو الذي أشرنا إليه، ولنا أن نختار رأي الخلف من المتكلمين الذين يصرفون اللفظ عن ظاهره إلى معنى يليق بجلال الله وتنزيهه، وعلى هذا وذاك يبقى لنا ما قلناه من أنَّه ليس في القرآن ما استأثر الله بعلمه سوى فواتح السور.

على أن بين المتشابه في رأي المفوضين، وبين فواتح السور فرقًا كبيرًا، ذلك أن المتشابه ورد في قضايا ذات محمول وموضوع وإثبات ونفي، ومفردات تلك القضايا ودلالات حقيقية معروفة لأرباب اللُّغة، وقد تستعمل في معاني مجازية تصرف إليها بالقرائن، ولا كذلك فواتح السور التي هي أحرف مقطعة، ليست قضايا ذات موضوع ومحمول، وليست مفردات ذات معاني مفيدة على نحو "استوى" في قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} مثلًا، وقد جاءت هذه القضايا أوصافًا لله، واعتقد الجميع ثبوت محمولها لموضوعها، على وجه يقضي به الإيمان، ولا كذلك أيضًا فواتح السور التي نتحدث عنها" أ. هـ

* قلت: وسوف نذكر الآن ملخصًا من كتاب "أعلام الأنام" (١) لعبد الله يابس في رده على الشَّيخ محمود شلتوت في كتابه "الإسلام عقيدة وشريعة" وذكر عقيدة الشَّيخ فقال عبد الله يابس (١٢): "أما شيخ الأزهر "شلتوت" الذي ألف هذا الكتاب المسمى (الإسلام عقيدة وشريعة) والذي وسمه الواقع بأنه وساوس وأوهام ضد العقيدة والشريعة فهو لا يؤمن بكتاب الله كما أمر الله وإنَّما يقول في (صفحة ٥) في تعريف عقيدته التي يبنيها على منهج مخترع ورأي حدث فيقول: "إن العقيدة هي الجانب النظري الذي


(١) كتاب (إعلام الأنام بمخالفة شيخ الأزهر شلتوت للإسلام) تأليف عبد الله علي بن يابس.