للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وليس قول من قال: إن (ناظرة) بمعنى منتظرة - بمستقيم، لأن نظرت إذا كان بمعنى الإنظار لا يدخل عليها حرف الغاية، يقال: نظرت فلانًا، أي أنظرته، ولا يقال: نظرت إليه.

وقول من قال: وهو بعض غلاة المعتزلة (إلى) هنا اسم بمعنى النعمة وهو واحد آلاء، أي: منتظرة نعمة ربها، ليس بمستقيم أيضًا، لأن الله -تعالى- أخبر عن الوجوه أنها ناعمة، فدخل النعيم بها وظهرت إمارته عليها، فكيف ننظر إلى ما أخبر الله -جل ذكره- أنه حال فيها، إنما ينظر إلى الشيء الذي هو غير موجود.

والوجه هو الأول وعليه الجمهور، وهو أن المراد رؤية الله -جل ذكره- ومن اعتقد غير هذا فهو مبتدع زنديق.

ويقول عند قوله سبحانه: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ}.

وقرئ: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} بالتنوين، و (ما) على هذا لا يخلو أن تكون نافية، أو مصدرية، أو صلة، فلا يجوز أن تكون نافية على معنى ما خلق من شر لأمرين:

أحدهما: أن الله -تعالى- خالق كل شيء خيرًا كان أو شرا، وعليه الجمهور من العلماء وذلك حجة.

ومن أدلة انتساب المنتجب إلى مذهب أهل السنة:

أ- تمسكه بالإجماع:

وهو دعامة من دعائم أهل السنة في حين أن المعتزلة ينكرونه. وقد استدل به الهمذاني عند إعراب قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إلا خَطَأً} الآية.

قال: (إلا خطأ) فيه أوجه:

أحدها: أنه استثناء منقطع، ولا يجوز أن يكون متصلًا بإجماع من أهل هذه الصناعة، لأن في ذلك إباحة قتل الخطأ.

والخطأ لا يصح فيه الاباحة، كما لا يصح فيه النهي، لأنه مرفوع عن الأمة بإجماع الأمة بشهادة قوله - عليه السلام -:

"رُفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".

وعند إعراب قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} الآية.

قال المنتجب (برؤوسكم) الباء للإلصاق، والمراد إلصاق المسح بالرأس، وماسح بعضه أو كله ملصق للمسح برأسه.

والواجب منه ما يقع عليه اسم المسح بدليل ما روي أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على ناصيته (وهو مذهب الشافعي).

والناصية عند العرب مقدم شعر الرأس، فماسح أدنى جزء من مقدم رأسه مسح على ناصيته موافق لفعل رسول الله - عليه السلام -.

والحديث حجة على من خالفه في ذلك، وقدَّر الناصية بربع الرأس مستدلا بالحديث المذكور آنفا، وهو عليهما لما ذكرت من أن الناصية عند العرب مقدم شعر الرأس من غير تقييد ولا تقدير.

ولو حلف حالف ألا يضرب على ناصية فلان فضرب على أدنى جزء من مقدم رأسه لكان