للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد ألف كتابًا من عشرين جزءًا في الرد على القدرية، وألف الانتصار لأهل السنة، ومنهاج أهل السنة.

وقال عنه الذهبي: تعصب لأهل الحديث والسنة والجماعة، وكان شوكًا في أعين المخالفين، وحجة لأهل السنة.

وقال: سئل أبو المظفر عن أحاديث الصفات فقال: عليكم بدين العجائز. وقال ابن كثير: سئل أبو المظفر عن أخبار الصفات، فقال: عليكم بدين العجائز، وصبيان الكتاتيب (١).

وقال إمام الشافعية في وقته، الإمام أبو بكر محمّد بن محمود بن سورة التميمي فقيه نيسابور للشيخ أبي المظفر السمعاني بنيسابور: إن أردت أن يكون لك درجة الأئمة في الدنيا والآخرة فعليك بمذهب السلف الصالح وإياك أن تداهن في ثلاث مسائل:

مسألة القرآن، ومسألة النبوة، ومسألة استواء الرحمن على العرش باستدلال النص من القرآن والسنة المأثورة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

حكاه الحافظ أبو منصور عبد الله بن محمد بن الوليد في كتاب إثبات العلو له (٢).

ويظهر لي أن هذه النصيحة من هذا الإمام لأبي المظفر من باب الأمر بالثبات على ما هو عليه من عقيدة السلف ولا يفيد هذا أنه كان قبل ذلك على غير عقيدة السلف.

والذي ظهر لي بدون أدنى شك أن السمعاني سلفي العقيدة، وهذا الحكم أصدرته من خلال دراستي لعقيدته في تفسيره.

وخير شاهد على عقيدة أبي المظفر السمعاني ما صرح به نفسه في مواضع متعددة من تفسيره فإليكم عقيدته من خلال تفسيره بكامله.

تعريف الإيمان وأنه يزيد وينقص:

عند قوله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيبِ} [البقرة: ٣]. عرف الإيمان تعريفا سلفيا صحيحا، فقال رحمه الله تعالى: والإيمان في الشريعة يشتمل على الاعتقاد بالقلب والإقرار باللسان والعمل بالأركان.

وعند قوله تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال: ٢]، قال أبو المظفر السمعاني رحمه الله تعالى: أي يقينا وتصديقا، وذلك أنه كلما نزلت آية فآمنوا بها ازدادوا إيمانا وتصديقا. وهذا دليل لأهل السنة على أن الإيمان يزيد وينقص.

- عقيدته في الاستواء:

قال أبو المظفر عند تفسيره لقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: ٥٤]. أوّل المعتزلة الاستواء بالاستيلاء وأنشدوا فيه:

قد استوى بشر على العراق ... من غير سيف ودم مهراق

وأما أهل السنة يتبرؤون من هذا التأويل ويقولون إن الاستواء على العرش صفة الله تعالى بلا كيف والإيمان به واجب.


(١) البداية والنهاية (١٢/ ١٥٤).
(٢) انظر اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم (١٢١ - ١٢٢).