كذلك يحكى عن مالك بن أنس وغيره من السلف، أنهم قالوا في هذه الآية: الإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.
وعند قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [يونس: ٣]. قال أبو المظفر: قد بينا مذهب أهل السنة في الاستواء وهو أنه نؤمن به، ونكل علمه إلى الله تعالى من غير تأويل ولا تفسير.
وأما المعتزلة، فإنهم أولوا الاستواء بالاستيلاء وهو باطل عند أهل العربية، حكى عن أحمد بن أبي دؤاد وكان من رؤساء المعتزلة أنه قال لابن الأعرابي أتعرف الاستواء بمعنى الاستيلاء؟ فقال: لا.
ويحكى أن هذه المسألة جرت في مجلس المأمون، فقال بشر المريسي: الاستواء بمعنى الاستيلاء، فقال له أبو السمراء وهو رجل من أهل اللغة: أخطأت يا شيخ فإن العرب لا تعرف الإستيلاء إلا بعد عجز سابق.
وعند تفسيره لقوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)} [طه: ٥]: هـ، . قال رحمه الله تعالى: والمذهب عند أهل السنة أن يؤمن به ولا يكيف.
وقد رووا عن جعفر بن عبد الله وبشر الخفاف قالا: كنا عند مالك فأتاه رجل وسأله عن قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟ فأطرق مالك مليا، ثم قال: الكيف غير معقول، والاستواء غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أظنك إلا ضالًا، ثم أمر به فأخرج.
ونقل أهل الحديث عن سفيان الثوري والأوزاعي والليث بن سعد وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في الآيات المتشابهة: أمروها كما جاءت، وقال بعضهم: تأويله الإيمان به.
وأما تأويل الاستواء بالإقبال، فهو تأويل المعتزلة، وذكر الزجاج والنحاس وجماعة النحاة من أهل السنة أنه لا يسمى الاستواء استيلاء في اللغة إلا إذا غلب غيره عليه، وهذا لا يجوز على الله تعالى.
- إثبات اليد لله تعالى:
عند تفسيره لقوله تعالى: {وَقَالتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيفَ يَشَاءُ} [المائدة: ٦٤].
قال أبو المظفر السمعاني رحمه الله تعالى: قال أهل العلم: ليس في هذا رد على اليهود في إثباتهم اليد لله تعالى، وإنما الرد عليهم في نسبته إلى البخل. وأما اليد صفة لله تعالى بلا كيف. وله يدان. وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: كلتا يديه يمين. والله أعلم بكيفية المراد.
- إثبات العلو لله تعالى:
عند تفسيره لقوله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: ١٨]. قال أبو المظفر رحمه الله تعالى: وقوله: {فَوْقَ عِبَادِهِ} هو صفة الاستعلاء الذي لله تعالى الذي يعرفه أهل السنة.
- إثبات العلم لله تعالى:
قال رحمه الله تعالى عند تفسيره لقوله عزَّ وجلَّ: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: ١٦٦]، أي مع علمه.
وفيه دليل على أن لله تعالى علمًا هو صفته خلاف قول المعتزلة خذلهم الله.