للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[الفاتحة: ٥]. رد رحمه الله على المعتزلة والقدرية في قولهم: إن القدرة لا تكون إلَّا قبل الفعل.

فقال رحمه الله تعالى: فإن قيل: لم قدم ذكر العبادة على الاستعانة والإستعانة تكون قبل العبادة؟

فأجاب بقوله: إنما يلزم هذا من يجعل الاستطاعة قلب الفعل ونحن بحمد الله نجعل الاستعانة والتوفيق مع الفعل سواء قرن به أو أخر جاز (١).

وعند تفسيره لقوله تعالى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣)} [البقرة: ٣]. رد رحمه الله تعالى على المعتزلة فقال:

الرزق: اسم لكل ما ينتفع به الخلق، لأن المعتزلة يقولون إن الحرام ليس برزق.

تبرؤه من قول أهل الاعتزال:

وذلك عند قوله عزَّ وجلَّ: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ} [البقرة: ٧].

فقال رحمه الله تعالى: قال أهل السنة: ختم على قلوبهم بالكفر لما سبق من علمه الأزلي فيهم.

وذكر قول المعتزلة، ومعناه: جعل الله على قلوبهم علامة تعرفهم الملائكة بها. وعقب عليه بقوله: وهذا تأويل أهل الاعتزال نبرأ إلى الله تعالى منه.

وعند قوله تعالى: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: ٢٤].

رد رحمه الله تعالى على المعتزلة والقدرية ومن شاكلهما من الفرق الضالة. فقال: وهذا دليل على أن النار مخلوقة، لا كما قال أهل البدعة، ودليل على أنها مخلوقة للكافرين. وإن دخلها بعض المؤمنين تأديبًا وتفريكا. لأن أهل السنة اتفقوا على أن الجنة والنار مخلوقتان وموجودتان الآن، ولم يزل أهل السنة على ذلك حتى نبغت نابغة المعتزلة والقدرية فأنكرت ذلك، وقالت: بل ينشئهما الله يوم القيامة. . . وعند قوله تعالى: {عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (١٥)} [النجم: ١٥].

قال رحمه الله تعالى: وفي الآية دليل على أن الجنة في السماء وأنها مخلوقة، ومن زعم أنها غير مخلوقة فهو كافر بهذه الآية.

رده على المعتزلة في مسألة الكبيرة:

فعند تفسيره لقوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيءٌ} [البقرة: ١٧٨] قال رحمه الله تعالى:

وظاهره: يقتضي أن أخوه الدين لا تنقطع بين القاتل والمقتول، حيث قال: من أخيه، وهو الذي نقول به، لأن الكبائر لا تخرج المسلم من الإسلام ولا تنفي عنه صفة الإيمان خلافا للمعتزلة (٢).

وعند تفسيره لقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء: ٩٣].

قال السمعاني رحمه الله تعالى: والأصح: والذي عليه الأكثرون وهو مذهب أهل السنة، أن لقاتل المؤمن عمدا توبة.

والدليل عليه قوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ} [طه: ٨٢].


(١) انظر تفسيره الذي حققه (١/ ١٥)، وراجع تفصيل هذه المسألة في شرح العقيدة الطحاوية (٤٨٨ - ٤٩٣)، وتفسير الفاتحة لابن القيم في المدارج (٦٧ - ٦٨).
(٢) التفسير الكبير للرازي (٥/ ٥٩).