هو مكتوب في اللوح المحفوظ باللغة العربية؟ فقال رضي الله عنه: نعم، وبعضه بالسريانية فقلت: وما هذا البعض؟ فقال رضي الله عنه: فواتح السور.
قال - رضي الله عنه -: ولا يعلم ما في فواتح السور إلا أحد رجلين: رجل ينظر في اللوح المحفوظ، ورجل يخالط ديوان الأولياء أهل التصرف رضي الله عنهم، وغير هذين الرجلين لا طمعية له في معرفة فواتح السور أبدًا.
وسألته رضي الله عنه: عن (الم) التي في أول البقرة، وعن (الم) التي في أول سورة آل عمران، هل أشير بهما إلى شيء واحد أو معناهما مختلف؟ .
فقال رضي الله عنه: بل معناهما يختلف، وكل واحدة منهما قد شرحت بما في سورتها، سمعت هذا الكلام منه في أول ما لقيته، فعلمت أنه - رضي الله عنه - من كابر الأولياء؛ لأني رأيت أكابر الصوفية رضي الله عنهم إذا تعرضوا لفواتح السور ورمزوا إلى شيء مما ذكره الشيخ رضي الله عنه، صرحوا بأنه لا يعرف معنى فواتح السور إلا الأولياء الذين هم أوتاد الأرض، فكانت هذه عندي شهادة عظيمة بولاية هذا السيد الجليل، رزقنا الله محبته ووصلنا إلى العلوم التي تبدو لنا عنه، ولم يتعاط شيئًا منها لا في كبره ولا في صغره، بل ولا قرأ القرآن ولا يحفظ منه إلا سورًا قليلة من حزب (سبح) وإذا سمعته يتكلم في تفسير آية سمعت العجب العجاب، وهذه نصوص من أكابر الصوفية رضي الله عنهم الشاهدة بولايته وجميع ما أشار إليه الشيخ - رضي الله عنه -".
وفي موضع آخر:
"وسألته رضي الله عنه عن قوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ}.
فإن علماء التفسير رضي الله عنهم اختلفوا في ذلك اختلافًا كثيرًا وذكرت له بعض ما قالوه.
فقال رضي الله عنه: لا أفسر لكم الآية إلا بما سمعت من النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكره لنا في تفسيرها بالأمس.
فقال رضي الله عنه: إن ما يقع في خواطر العباد مما يتعلق بالأمور الكائنة على قسمين قسم لا يقع وإليه الإشارة بقوله: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ} وقسم يقع وإليه الإشارة بقوله {وَيُثْبِتُ} يعني أن الخواطر المتعلقة بالأمور الاستقبالية كنزول مطر وقدوم قادم ووقوع حادث منها ما يخيب وهو الممحو، ومنها ما يجيب بالجيم وهو المثبت (وعنده) تعالى (أم الكتاب) وهو العلم القديم الذي لا يخيب أصلًا، هكذا فسره النبي - صلى الله عليه وسلم - فاعتمده واطرح ما سمعت من غيره، وذلك أني كنت سمعت منه في الآية تفسيرًا آخر طالما أفصح فيه عن حقائق عرفانية والله تعالى أعلم".
وقال في موضع آخر:
"وسألته رضي الله عنه: عن قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}.
هل هذا خاص بموسى - عليه السلام -؟ وهل ما يذكر السادات الصوفية رضي الله عنهم من المكالمة حق مثل قول الشيخ العارف بالله أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه في الحزب الكبير: وهب لنا مشاهدة تصحبها مكالمة.
فقال - رضي الله عنه -: ما ذكره الشيخ أبو الحسن وغيره من