الصلاة ليست من دين الله" (١).
وفي هذه الرواية، عبد السلام بن عبد الرحمن الوابصي، وهو غير مأمون. فقد حكى الخطيب نفسه في تاريخه رقم: (٥٧٢٩)، أن يحيى بن أكثم، قاضي قضاة المتوكل، صرف عبد السلام هذا عن القضاء، لأمور، أهونها ضعفه في الفقه.
وفي الرواية أيضًا شريك بن عبد الله، تكلم فيه العلماء كثيرًا جدًّا، حتى قال يحيى بن سعيد: "لو كان بين يدي ما سألته عن شيء". وضعف حديثه جدًّا. انظر تاريخ الخطيب رقم (٤٨٣٨).
وقول شريك الراوي: "زعم أن الصلاة ليست من دين الله" تحريف للقول عن موضعه، أو عدم تفريق بين مدلولي الدين والإيمان. وأصلها: "أن الصلاة ليست من اللإيمان". أي أنها ليست جزءًا من حقيقته، بحيث لو أدخل بها الإنسان، خرج من الإيمان، وإن كانت عنده - رضي الله عنه -، من أكبر شرائع الإيمان وأعلاها.
وأما الخبران التاسع والعاشر ففيهما أن أبا حنيفة، يجعل إيمان أبي بكر الصديق، وإيمان آدم، كإيمان إبليس ...
وفي الخبر الأول: محبوب بن موسى الأنطاكي، له حكايات تالفة عن الفزاري وغيره، قال: أبو داود لا يلتفت إلى حكاياته إلَّا من كتاب. وفي الخبرين معًا أبو إسحاق الفزاري، وهو منكر الحديث.
وتشبيه إيمان آدم وأبي بكر، بإيمان إبليس، الذي نص القرآن الكريم على أنه: {أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ}. لا يعقل أن يصدر من أبي حنيفة، الذي يقرر مذهبه، أن أي استخفاف بأي حكم من أحكام الدين كفر.
وأما الخبر الحادي عشر، وهو قصة تفيد أن أبا حنيفة مر بسكران يبول قائمًا، فقال أبو حنيفة له: "لو بلت جالسًا" وأن السكران قال له: "ألا تمر يا مرجئ؟ ". وأن أبا حنيفة قال له: "هذا جزائي منك، حيث صيرت إيمانك كإيمان جبريل".
وفي الخبر، معبد بن جمعة الروياني، كذبه أبو زرعة الكشي، وصيغة القاسم بن عثمان صيغة انقطاع، ويقول عنه العُقيلي: "لا يتابع على حديثه".
وقد أخرج الحافظ أبو بشر الدولابي، عن إبراهيم بن جنيد، عن داود بن أمية المروزي، قال: "سمعت عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد يقول: جاء رجل إلى أبي حنيفة، وهو سكران فقال له يا مرجئ. فقال له أبو حنيفة: لولا أني أثبت لمثلك الإيمان نسبتني إلى الإرجاء، ولولا أن الإرجاء بدعة ما باليت أن أنسب إليه وأين هذه الرواية من تلك.
وأما الخبر الثالث عشر، فمفاده أنه اجتمع الثوري، وشريك، والحسن بن صالح، وابن أبي ليلى، ودعوا أبا حنيفة، وسألوه عن رجل قتل أباه ونكح أمه، وشرب الخمر في رأس أبيه، فقال: هو مؤمن، وأن الأربعة استنكروا قوله، وردوا عليه بكلام قبيح.
وفي الخبر، محمّد بن جعفر الأدمي، عن أحمد بن عبيد، قال ابن أبي الفوارس: "خَلَّطَ فيما حدث، وشيخه يروي المناكير". وقال الذهبي: "غير
(١) التاريخ: (١٣/ ٣٧٥ - ٣٧٦).