تعبير تلك الأخبار.
والأخبار الثلاثة الأولى مدارها على الحارث بن عمير، وقد قال الذهبي عنه في الميزان: "كذبه ابن خزيمة" وقال الحاكم عنه: "روى عن حميد وجعفر الصادق أحاديث موضوعة". وقال ابن حبان: "كان يروي الموضوعات عن الأثبات" كما أن الخبر الثالث فيه محمّد بن محمّد الباغندي، وقد قال الدارقطني عنه: "كان كثير التدليس، يحدث بما لم يسمع، وربما سرق حديث غيره". وقال إبراهيم الأصبهاني: "كذاب". وذكر نحو ذلك الخطيب نفسه رقم: (١٢٨٥).
والخبر الأخير فيه عبّاد بن كثير. قال عنه الذهبي: "ليس بثقة وليس بشيء". هكذا يكون المحفوظ؟
وفي السند كذابون وغير ثقات.
وشواهد الحال تكذب الخبر. وكيف يتصور أن ينطق أبو حنيفة بمثل ذلك الكفر الصراح، في المسجد الحرام، بدون أن يروي ذلك عنه إلا كذاب واحد؟ .
وقد ساق ابن أبي العوام، بسنده إلى الحسن بن أبي مالك، عن أبي يوسف، عن أبي حنيفة أنه قال: "لو أن رجلًا صلى، يريد بصلاته إلى غير الكعبة، فوافق الكعبة على الخطأ منه، إنه بذلك كافر، وما رأيت أحدًا منهم ينكر ذلك".
وأما الخبر الرابع فيتعلق بمسألة فرعية من مسائل الطلاق، وشهادة الزور عند القاضي وفي الرواية كذلك الحارث بن عمير، وقد سبق بيان حاله قريبًا.
وأما الخبران السابع والثاني عشر، فيتعلقان بمسألة مفادها: "لو أن رجلًا عبد نعلًا يتقرب بها إلى الله، فهو مؤمن عند أبي حنيفة".
وفي الخبر السابع، عبد الله بن جعفر بن درستويه، حكى الخطيب نفسه فيه عن البرقاني تضعيفه، وفي الخبر الثاني عشر، القاسم بن حبيب. قال ابن أبي حاتم، قال ابن معين: لا شيء على أن هذا القول غير معقول صدوره من مثل أبي حنيفة، المشهور بعلمه وتقواه، بل غير معقول أن يصدر عن أبي مسلم. ثم هل يوجد في الدنيا من يعبد النعل. حتى يسأل أبو حنيفة عنه فيقره؟ اللهم هذا بهتان عظيم.
والخبر الثامن يتعلق بمسالة، هل يزيد الإيمان وينقص أو لا؟ وهل الصلاة وبقية الأعمال تعتبر جزءًا من الإيمان؟
وأنا أسوق الخبر بنصه، حتى يكون القارئ على بينة من تفاصيل الخبر.
قال الخطيب: "أخبرنا أبو سعيد، الحسن بن محمّد بن حسنويه الكاتب، -بأصبهان-. أخبرنا عبد الله بن محمّد بن عيسى بن مزيد الخشاب، حدثنا أحمد بن مهدي بن محمّد بن رستم، حدثنا أحمد بن إبراهيم، حدثني عبد السلام -يعني ابن عبد الرحمن- قال: حدثني إسماعيل بن عيسى بن علي. قال: قال لي شريك: كفر أبو حنيفة بآيتين من كتاب الله تعالى. قال الله تعالى: {وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}. قال تعالى: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ}. وزعم أبو حنيفة الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وزعم أن