للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن هذا في رسالته القيمة رفع الملام عن الأئمة الأعلام وذكرت ذلك في فقرة (٢٥١) (١).

وذكر ابن عبد البر أنه قيل لأبي حنيفة: أتخالف النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: لعن الله من يخالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به أكرمنا الله وبه استنقذنا (٢).

٤ - وصف أبي حنيفة بأنه كالجرب وأنه ثقيل على النفس وأنه شؤم ونبطيًا استنبط الأمور برأيه. فهذه وإن صحت أسانيدها إلى قائليها إلا أنها في ميزان المذهب السلفي ساقطة من الحسبان ذلك أن العبرة بالصلاح والتقوى وليس بالنعرة الجاهلية الممثلة في العرق والدم {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} والشؤم أمر مخالف للعقيدة فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعجبه الفأل ولا يتشاءم.

٥ - أن أبا حنيفة استتيب من الكفر مرتين:

أقول ما هو المراد بالكفر هنا إذا كان قائلو هذا الكلام يقصدون أنه يقول بخلق القرآن فنقول قد ورد بسند صحيح عند اللالكائي فقرة (٤٧٠) نفي هذه التهمة عن أبي حنيفة وكذلك عند البيهقي في الأسماء والصفات ص (٢٥١) وورد في تاريخ بغداد للخطيب (١٣: ٣٨٤) عن الإمام أحمد قوله: "لم يصح عندنا أن أبا حنيفة كان يقول القرآن مخلوق".

وأما أن يكون المراد بذلك ما ذكره سفيان في فقرة (٣٥٦) (٣) أن أبا حنيفة تكلم بكلام فقال أصحابه هذا كفر فقال أتوب. فإذا صح هذا فهو جائز أن يقول الإنسان قولًا ولا يعلم خطورته فإذا نبه لذلك تاب إلى الله ورجع عنه.

٦ - وأما وصفه بأنه ينقض عرى الإسلام عروة عروة ولعنه فهذا ما لا يحل لمسلم أن يقوله إذ نقض الإسلام لا يأتي من مسلم عادي فضلًا عن إمام متبوع وإنما ينقض الإسلام الكافر والمنافق. واللعن إطلاقه على المسلم ولعل هذا من كلام الأنداد وهو معروف بأنه لا يقبل قدح الند في نده والله أعلم" أ. هـ.

هذا ملخص لما يمكن الوصول إليه من الكلام في الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، الذي ما زال مذهبه سيِّطًا في بلاد المسلمين، ولولا قبول الله تعالى لمذاهب هؤلاء الأئمة الأربعة الأعلام، لما زال فقههم وأصولهم تدرس ويتخذها الناس مذاهبًا في معاملاتهم وأمورهم الشرعية، ولاندرست كما اندرست وتضاءلت مذاهب أخرى كمذهب الإمام الطبري صاحب التفسير، وأبي داود الظاهري، وأصحاب الظاهر وغيرهم ولكن الله تعالى رضي عنهم وأبقى فقههم ومدارسهم إلى يومنا هذا وإلى يوم القيامة ... والحمد لله رب العالمين" أ. هـ.

وفاته: سنة (١٥٠ هـ) خمسين ومائة.


(١) كتاب السنة (١/ ٢٢١).
(٢) الانتقاء: (١٤١).
(٣) كتاب السنة: (١/ ٢١٥).