وبالأعمال تتفاوت الدرجات. جاء في تفسير قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا}، والمؤمنون والمشركون، للمؤمنين درجات في الجنة، على قدر أعمالهم، وللمشركين درجات في النار، على قدر أعمالهم".
والطاعات، كفارات للصغائر، يقول في تفسير الآية (٧) من العنكبوت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا إن الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة كفَّارات لما بينهن، ما اجتنبت الكبائر".
ويذكر ابن سلّام صورة حيَّة عن أهمية الأعمال بالنسبة لحياة الإنسان الأخروية، في حديث طويل تظهر فيه الزكاة، والصلاة، والدور الذي تلعبانه في تحديد مصير الإنسان.
فهذا الذي ذكرناه لا نلمس فيه إرجاء مطلقًا، ما دام هنالك اهتمام وتأكيد على الأعمال إلى جانب الإيمان.
لكنه وردت في التفسير إشارات أخرى، تجعل الباحث يقف وقفة تردد، فقد جاء عند تفسيره لسورة التحريم، نقلًا عن سفيان الثوري: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له". ثم تلا هذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ}. فإذا أحب عبدًا لم يضرّه ذنب".
وذكر أثناء تفسيره لسورة مريم حديثًا يقول فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "خمس صلوات كتبهن الله على عباده، من جاء بهن تامات، فإن له عند الله عهدًا أن يدخله الجنة. ومن لم يأت بهن تامات، فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له".
وهذه مقالة أخرى جاءت في التفسير، فيها إشارة إلى مبدأ أساسي من مبادئ الإرجاء، وهو الإمساك عن القول في الصحابة، وقد نشأ هذا المبدأ إثر وقوع فتنة أيام عثمان - رضي الله عنه -، واستمر القول به في عهد الدولة الأموية. يقول يحيى بن سلام، قال النضر: وسمعت أبا قلابة يقول لأيوب: يا أيوب، احفظ مني ثلاثًا: لا تقاعد أهل الأهواء، ولا تستمع منهم، ولا تفسِّرن القرآن برأيك فإنك لست من ذلك في شيء، وانظر هؤلاء الرهط من أصحاب النبي، فلا تذكرهم إلّا بخير". وفي رواية أخرى: "ثلاث ارفضوهن: مجادلة أصحاب الأهواء، وشتم أصحاب رسول الله، والنظر في النجوم .. ".
وقد وقفت في تفسير ابن أبي زمنين (ت ٣٩٩/ ١٠٠٩)، وهو مختصر لتفسير يحيى بن سلام، على نصوص معبرة منها:
"يحيى بن عمار الدهني ... عن الحسن قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بني الإسلام على ثلاث: الجهاد ماض منذ بعث الله نبيه إلى آخر فئة من المسلمين، تكون هي التي تقاتل الدجال، لا ينقصه جور من جار، والكف على أهل لا إله إلا الله أن يكفروهم بذنب، والمقادير خيرها وشرها من الله".
وجاء في موضع آخر: "يحيى عن عاصم بن حكيم ... عن علي قال: "لا تنزلوا العارفين المحدثين الجنة ولا النار حتى يكون الله هو الذي يقضي فيهم يوم القيامة".
فهذه الملاحظات، التي بدت فيها مبادئ الإرجاء ومصطلحاته كعبارة: الذنب لا يضر، وعدم التكفير بالذنب، وإرجاء الحكم الله في العفو والعقاب، وفي الصحابة تجعل الباحث يعود ليتساءل إن كان يحيى بن سلام من المرجئة.
إن الأقرب إلى الذهن أن نقول: كان ابن سلّام