للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقيل أراد نعمتاه، كما يقال لفلان عندي يد أي نعمة وعلى هذا القول لفظه تثنية، ومعناه جمع كقوله تعالى {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}.

والعرب تضع الواحد موضع الجمع كقوله تعالى {وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا} [الفرقان: ٥٥]. وقال {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: ٤] و {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: ٢].

وتقول العرب: الدينار والدرهم في أيدي الناس وتضع التثنية موضع الجمع كقوله تعالى {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} [ق: ٢٤] أراد الزبانية.

قال امرؤ القيس:

قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللِوى بين الدخول فحومل

وقال محمّد بن مقاتل: أراد نعمتاه مبسوطتان، نعمته في الدنيا ونعمته في الآخرة، وهذه التأويلات كلها مدخولة لأن الله تعالى خلق آدم بيده على طريق التخصيص والفضل لآدم على إبليس، فلو كان تأويل اليد على ما ذكروا لم يكن للتخصيص معنى لأن إبليس مخلوق بقدرة الله تعالى وفي ملكه ونعمة.

التعليق:

وقول أهل الحق هذا مطرد في جميع الصفات من غير تفرقة وقد تقدم تفصيل ذلك بين ثنايا البحث فليرجع إلى مواضعه.

وقال أهل الحق: هذه صفة من صفات ذاته كالسمع والبصر، والوجه قال الحسن: إن لله يدًا لا. توصف، ودليل هذا التأويل أن ذكره مرة اليد بلفظ الواحد. فقال: {قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ} [آل عمران: ٧٣]، وقال: {بِيَدِكَ الْخَيرُ} [آل عمران: ٢٦]. وقال: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيدِيهِمْ} وقال: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} وقال: {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيءٍ} [يس: ٨٣].

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله يضع يده لمسيء الليل ليتوب بالنهار ولمسيء النهار ليتوب بالليل حتى تطلع الشمس من مغربها) (١).

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - (يمين الله ملأى لا تفيضها نفقة سحاء الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يقض ما في يده شيئًا وبيده القسط يخفض ويرفع) (٢) ومثناة مرة، فقال: (لما خلقت بيدي) (بل يداه مبسوطتان).

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (كلتا يديه يمين) وجمعها مرة فقال (مما عملت أيدينا أنعامًا) (٣). انتهى قول المغراوي في كتابه "المفسرون .. ".

من أقواله: ومن شعر الثعلبي:

وإني لأدعو الله والأمر ضيق ... عليَّ فما ينفك أن يتفرَّجا

ورُبَّ فتى سُدَّت عليه وجوهه ... أصاب له في دعوة لله مخرجا

وفاته: سنة (٤٢٧ هـ)، وقيل (٤٣٧ هـ) سبع وعشرين وأربعمائة، وقيل سنة سبع وثلاثين وأربعمائة.


(١) مسلم في التوية: (٢١١٣/ ٤).
(٢) البخاري في التوحيد: (١٣/ ٣٩٣).
(٣) تفسير الثعلبي.