وعذوبة لسانه ... ولكنه كان رقيق الديانة مُتكلمًا في عقيدته" أ. هـ.
• روضات الجنات: "ونقل عن شرح المثنوى أن أخاه الإمام الغزالي المشهور قال له يومًا: نعم الفقيه أنت لو اجتهدت في الشريعة أكثر من هذا، فقال له الشيخ أحمد: ونعم العالم أنت لو اهتممت في الحقيقة أكثر من هذا، فقال الإمام: أزعم أن لي السبق في مضمار الحقيقة، فقال الشيخ: متاع التصور والحسبان ليس له كثير رواج في سوق الأسرار. فقال: وليكن بيننا حكم، فقال الشيخ: وحكم هذا الطريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال الإمام: وكيف لنا به حتى نرى مكانه ونسمع بيانه، قال: ولما يجد حظًا من الحقيقة من ليس يراه حيث أراد، ولم يسمع من أسراره وحقائقه، فاشتعل من أثر هذا الملام نائرة الغيرة في باطن الإمام، ثم إنهما جعلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكمًا لأنفسهما وافترقا حتى إذا جاء الليل، وأخذ كل منهما طريق تعبده، فبالغ الإمام في التضرع والبكاء والتوسل إلى أن سخنت عيناه، فرأى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - دخل عليه مع رجل من أصحابه وبشره بشرف المعرفة بهذا الأمر، وكان على يدي ذلك الصحابي طبق من الرطب، ففتح عن طرف منه وأعطاه من ذلك تميرات، فلما أفاق الإمام رأى تلك التميرات موجودة في كفّه على خلاف سائر مناماته. فقام مبتهجًا مسرورًا إلى حجرة أخيه، وجعل يدقّ الباب بقوته، فإذا هو يقول من وراء الباب: لا ينبغي مثل هذا العجب، والدلال على تميرات معدودة. فزاد تحيّر الإمام من دهشته هذا القول. فلمّا دخل على أخيه قال: وكيف علمت ما لحقني من التشريف؟ فقال الشيخ: - ولم يعطيك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أعطاك حتى لم يعرضه عليّ سبع مرات، وإن لم تصدّقني في ذلك فقم إلى رف الحجرة وانظر ماذا ترى، فلما قام الإمام رأى ذلك الطبق الذي كان على يدي الصحابي هناك، وقد نقص من طرف منه تلك التميرات، فعلم أن ما بلغه منه أيضًا كان من بركات أنفاس الشيخ. ثم إنه أخذ في طريقة السير والسلوك واستكشاف أسرار الحقايق إلى أن صار مقتدى أصحاب الطريقة بلا كلام إلا أنه كان يعترف بفضيلة الشيخ، ويرى نفسه عنده كمثل الطفل عند معلمه الكبير.
وللشيخ الموصوف مصنفات كثيرة في غوامض الأسرار والمعارف منها كتاب (سوانحة) الذي جرى الشيخ فخر الدين الغراقي على سننه في كتاب (اللمعات) أ. هـ.
من أقواله: الوافي: "وسئل عن قوله تعالى في قول الخليل - عليه السلام - {أَرِنِي كَيفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَال أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَال بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} وقول عليّ رضي الله عنه: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينًا. اليقين يتصور عليه الجحود، والطمأنينة لا يتصور عليها الجحود. قال الله تعالى {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ}.
وجاء في كلامه: من كان في الله تلفه كان عليه خلفه. وقال: قيل إن بعض العشاق كان مشغوفًا بجميل وكان ذلك لجميل موافقًا له فاتفق أنه جاءه يومًا بكرة وقال له: انظر إلى وجهي فأنا اليوم أحسن من كل يوم، فقال له: وكيف ذلك؟ فقال: نظرت في المرآة فرأيت وجهي فاستحسنته