للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عساكر. قلت: أيما أحفظ ابن عساكر أو أبو موسى المديني؟ فقال: ابن عساكر. قلت: أيما أحفظ ابن عساكر أو أبو طاهر السلفي؟ قال: السلفي شيخنا! قلت: فهذا الجواب محتمل كما ترى، والظاهر أنه أراد بالسلفي المبتدأ وبشيخنا الخبر، ولم يقصد الوصف، وإلا فلا يشك عارف بالحديث أن أبا القاسم حافظ زمانه، وأنه لم ير مثل نفسه.

قال الحافظ عبد القادر: وكان السلفي آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر، حتى إنه قد أزال من جواره منكرات كثيرة. ورأيته يومًا، وقد جاء جماعة من المقرئين بالألحان، فأرادوا أن يقرؤوا فمنعهم من ذلك، وقال: هذه القراءة بدعة، بل اقرؤوا ترتيلًا، فقرؤوا كما أمرهم.

أنبأنا أحمد (١) بن سلامة، عن الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد، ومن خطه نقلت جزءًا فيه نقل خطوط المشايخ للسلفي بالقراءات، وأنه قرأ بحرف عاصم، على أبي سعد المطرز، وقرأ بروايتي حمزة والكسائي، على محمد بن أبي نصر القصار، وقرأ لقالون على نصر بن محمد الشيرازي، وبرواية قنبل، على عبد الله بن أحمد الخرقي. وقد قرأ على بعضهم في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة.

قال الحافظ ابن نقطة: كان السلفي جوّالًا في الآفاق، حافظًا، ثقة، متقنًا، سمع منه أشياخه وأقرانه، وسأل عن أحوال الرجال شجاعًا الذهلي، والمؤتمن الساجي، وأبا علي البراداني، وأبا الغنائم النرسي، وخميسًا الحوزي (٢)، سؤال ضابط متقن.

قال: وحدثني عبد العظيم المنذري بمصر، قال: لما أرادوا أن يقرؤوا سنن النسائي على أبي طاهر السلفي، أتوه بنسخة سعد الخير وهي مصححة، قد سمعها من الدوني، فقال: اسمي فيها؟ قالوا: لا، فاجتذبها من يد القارئ بغيظ، وقال: لا أحدث إلا من أصل فيه اسمي. ولم يحدث بالكتاب.

قلت: وكان السلفي قد انتخب جزءًا كبيرًا من الكتاب بخطه، سمعناه من أصحاب جعفر الهمذاني، أخبرنا السلفي.

قال ابن نقطة: قال لي عبد العظيم: قال لي أبو الحسن المقدسي: حفظت أسماء وكنيّ، ثم ذاكرت السلفي بها، فجعل يذكرها من حفظه وما قال لي: أحسنت، ثم قال: ما هذا شيء مليح مني، أنا شيخ كبير في هذه البلدة هذه السنين لا يذاكرني أحد، وحفظي هكذا.

قرأت بخط عمر بن الحاجب أن "معجم السفر" للسلفي يشتمل على ألفي شيخ. كذا قال، وما أحسبه يبلغ ذلك.

قال الحسن بن أحمد الأوقي: كانوا يأتون السلفي، ويطلبون منه دعاءً لعسر الولادة، فيكتب لمن يقصده، قال: فلما كثر ذلك نظرت


(١) هو أبو العباس أحمد بن أبي الخير بن سلامة الدمشقي الحنبلي الحداد ثم الخياط المنادي المقرئ (٥٨٩ - ٦٧٨).
(٢) حقق الأستاذ مطاع الطرابيشي "سؤالات الحافظ السلفي "لخميس الحوزي، وصدرت من مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق في مطبعة الحجاز بدمشق (١٣٩٦ هـ / ١٩٧٦ م) في (١٦٤) صفحة مع الفهارس.