وهو من ذلك بريء".
ثمّ نذكر إليك تفسيره لسورة الحديد وكيف ينزّه الله -تعالى- عما لا يليق به -سبحانه- حيث قال في كتاب "حديث الثلاثاء" (٢) (ص ٧٣):
"تسبيح الله والتسبيح له: تنزيهه عمّا لا يليق به وتعظيمه، وكل ما في السموات والأرض سبح لله بهذا المعنى بلسان حاله ومقاله إن كان عاقلًا، أو بلسان حاله إن كان غير عاقل وهو الأكثر كما عبّرت الآية الكريمة عنه بـ (ما)، وهو العزيز الحكيم في ملكه العظيم، وإرادته الغالبة وتدبيره الذي تصحبه الحكمة الكبرى ثوابًا وعقابًا وخلقًا وتصريفًا ... ".
وقال في تفسير سورة الحديد أيضًا (ص ٧٥): "هو الأول (لأنه الخالق الموجد)، والآخر (أي الباقي بعد فناء خلقه)، والظاهر (بالأدلة الناطقة الكثيرة التي تثبت وجوده)، والباطن (الذي لا تدركه الأبصار والحواس وهو يدرك الأبصار ولا تخفى عليه خافية)، وهو بكل شيء عليم (سواء أكان ظاهرًا أو باطنًا، جليًا أو خفيًّا).
ثم قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} خلقها كذلك تنفيذًا لمقتضيات حكمته وإن يومًا عنده كألف سنة مما تعد من السنين، ثمّ استوى على عرشه استواء يليق بألوهيته، وقد خاض في هذا المعنى الخائضون".
انظر إلى تفسيره لآية الاستواء كيف اتَّخذ من قول السّلف في إيرادها كما يليق بحلاله سبحانه: هي القول لديه وذلك الاعتقاد الصحيح، والله - تعالى- الموفق.
وقال في تفسير نفس السورة (ص ٧٦): "وهو معكم أينما كنتم (لا يبرحكم علمه وقدرته سبحانه وتعالى)، والله بما تعملون بصير (من أمور دينكم ودنياكم).
كان الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- ينشد هذين البيتين:
إذا ما خَلَوتَ الدهرَ يوما فلا تقُل ... خَلَوتُ ولكن قُل علي رقيبُ
ولا تحسَبَن الله يَغفَلُ سَاعَةً ... ولا أن ما تخفي عَلَيهِ يَغيبُ"
وقال في كتاب "سبل السلام" (ص ٧٣) يتكلّم على ما حصل من المسلمين من جهل في دينهم ودنياهم من أجل جعلِ ما أنعم الله - تعالى- به للناس ولأمة المسلمين خاصة في خدمة الدين الإِسلامي، وعلو هذا الدين في الأرض لإصلاح البشريّة كما أنزله الله -تعالى- على رسوله - صلى الله عليه وسلم - ليعلمَ به النَّاسَ ويخرجَهم من الظلمات إلى النور:
"والَّذي يحزُّ في النَّفس أيضًا أن الخرافات والبدع والأوهام من طبول وزمور وشموع وبخور وتواكل وانعزال وجمود وجهل باسم توكل أو قضاء وقدر ونحو ذلك مما لم يفهم فهمًا إسلاميًا صحيحًا، كل ذلك كثيرًا ما يعزى زورًا إلى الإسلام, ويستبسل أنصاره في سبيله كل الاستبسال، وهو يشوه الإِسلام الجميلَ الكريمَ
(٢) حديث الثلاثاء "الكتاب الثاني، لسنة ١٩٦٠ - مطبعة الترقي.