القرآن يقولون: إن القرآن كلام الله تعالى ولا نعلم كيف صفة كلام الله تعالى أهو مخلوق أم غير مخلوق وخاضوا في ذلك! وهذا مردود عليهم وهم في ذلك كالذي يقول بخلق القرآن، وأهل السنة والسلف يقولون: إن كلام الله غير مخلوق وهو المعتقد الصحيح والصواب الذي ما دونه كفر وضلال وانحراف عن الطريق القويم؛ لذلك فإن ابن المعذل كما ذكر الذهبي في تاريخه نقلًا عن الجماعة التي ذكرت حاله للإمام أحمد: أنه يقف في القرآن! وما قال القاضي عياض في (ترتيب المدارك) بأن ذلك كان تقية في وقت المحنة وكراهة الكلام لعل له وجهة في ذلك، ولكن ما جاء عن الذهبي هو أحرى وأولى بالأخذ به لما كان عليه ابن المعذل من العلم رغم قلة الحديث وعدم طلبه، ودخوله في علم الكلام، وهذا ما وقعت فيه الواقفة وقتها.
ورحم الله تعالى ابن أبي داود حيث قال في حائيته:
وقيل غيرُ مخلوقٍ كلامُ مليكنا ... بذلك دانَ الأتقياءُ وأفصحوا
ولا تكُ في القرآن بالوقف مائلًا ... كما قال أتباع لجهم وأسجحوا (١)
ولا تقل القرآنُ خلقًا قرأئه ... فإن كلام الله باللفظ يوضحُ
ونذكر قول المعلمي في "التنكيل"(١/ ٢١٠) حول أحمد المعذل صاحب الترجمة ما نصه بعد ذكر ما قاله فيه أخوه:
أضاع الفريضة والسنة ... فتاه على الأنس والجنة
وما بعده من الأبيات.
"أما البيت فالرواية فيه (أطاع الفريضة .. ) كما شرحته في (الطليعة)(ص ٦٣) فتجلد الأستاذ وقال في (الترحيب)(ص ٤): "هذا تمحل لو كان مراده هذا لقال: أقام، وإنما الطاعة لله ولرسوله لا للعمل، وهذا ظاهرا، كذا قال ولو لم يوجد هذا الشعر إلا في كتاب واحد وفيه "أطاع" ولم يكن في السياق وغيره ما يدل على صحة ذلك ما ساغ لعالم تغييره لأن العربية لا تضيق بمن "أطاع الفريضة" بل يمكن تخريجها على عدة أوجه كالمجاز والتضمين وغير ذلك فكيف بالتغيير إلى أضاع مع إبطال الأدلة المعنوية كعجز البيت، والبيت الثاني وسبب قول ذلك الشعر وما هو معلوم من حال أحمد. هذا كله توضيح للواضح، وقابل هذا بما يأتي في ترجمة الشافعي في الكلام على ما وقع في (مختصر المزني): "وليست الأذنان من الوجه فيغسلان".
وأما عبد الملك فلم يزهدوا فيه لاستجازته الغناء فقد سبقه إليه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الجمع على توثيقه، وإنما زهدوا في عبد الملك لمنكرات في روايته ولاتهامه برأي جهم كما ترى ذلك في ترجمته من (التهذيب)، وأحمد بن المعذل لم يطعن أحد في روايته ولا عقيدته ولا عرف بالترخيص في الغناء فيما علمت وقد وثق، ولا يضر العالم أن يكون في شيوخه مطعون فيه، ومن شيوخ أحمد من