* قلت: وقال المحقق لكتاب "البداية والنهاية": "من البديهي أن يتصف إنسان، حصّل علوم يحصره على أيدي كبار المؤرخين، والمحدثين، والمفسرين، والحاسبين، بصفات قلّما ينافسه فيها الآخرون! ".
وقال أيضًا: في وصف أخلاقه: "يتحاشى الإدلاء برأي في القضايا السياسية، على سنة المشايخ والعلماء في عهود الانحطاط، فلذلك امتنع ابن كثير عن الإفتاء في قضية ظن أن طالب الفتوى، قد يستفيد منها في أحداث انقلاب على السلطان، أو ثورة عليه، كما امتنع عن الإفتاء ضد قاض، لأن في الفتوى تشويشًا على الحكام، وبقدر ما كان متحفظًا في إبداء آرائه السياسية حول التغيير، كان صريحًا في التعامل مع الآخرين" أ. هـ.
* قلت: المعروف عن ابن كثير -رحمه الله تعالى- بعقيدته السلفية، واتصافه بأحد رجالات الدعوة إلى الاعتقاد الصحيح الذي كان عليه سلف الأمة، ... وهو غني عن التعريف بذلك .. والله تعالى الموفق.
ثم نذكر ما أورد صاحب كتاب "المفسرون" للمغراوي من قول حول تفسيره وعقيدته من خلال الأسماء والصفات وتفسيره إياها، ونقلنا كلام المغراوي بالنص للفائدة في معرفة قول السلف الذي ينتمي إليه ابن كثير من قول المذاهب والطرف الآخر.
قال المغراوي في كتابه "المفسرون" حول عقيدة ابن كثير في الأسماء والصفات: "للحافظ ابن كثير رسالة قيمة سماها (العقائد) بين فيها عقيدته، قال ما لفظه: فإذا نطق الكتاب العزيز، ووردت الأخبار الصحيحة بإثبات السمع، والبصر، والعين، والوجه، والعلم، والقوة، والقدرة، والعظمة، والمشيئة، والإرادة، والقول، والكلام، والرضا، والسخط، والحب، والبغض، والفرح، والضحك، وجب اعتقاد حقيقة ذلك، من غير تشبيه بشيء من ذلك بصفات المربوبين المخلوقين، والانتهاء إلى ما قال سبحانه وتعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، من غير إضافة، ولا زيادة عليه، ولا تكييف له، ولا تشبيه ولا تحريف، ولا تبديل، ولا تغيير، ولا إزالة لفظ عما تعرفه العرب وتصرفه عليه، والإمساك ما سوى ذلك أ. هـ. نقلًا عن علاقة الإثبات والتفويض بصفات رب العالمين (١).
وأما في التفسير، فمعظم الصفات أثبتها ابن كثير وبين فيها مذهب السلف، وبعضها فسّرها تفسيرًا إجماليًا، والقليل منها فسرها باللازم، تبعًا لابن جرير في ذلك فرحمة الله عليه رحمة واسعة" أ. هـ.
ثم ذكر المغراوي تفسير ابن كثير لعدد من الأسماء والصفات قائلًا:
وقال ابن جرير: أخبر تعالى أنه فاعل بهم ذلك يوم القيامة، في قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ
(١) علاقة الإثبات والتفويض، رضا نعسان معطي ص (٥١).