• وفيات الأعيان: "وقال القاضي بكّار بن قتيبة: ما رأيت نحويًا يشبه الفقهاء إلا حَبّان بن هلال والمازني".
• وقال: "روى المبرد عنه أيضًا قال: قرأ عليَّ رجل كتاب (سيبويه) في مدة طويلة، فلما بلغ آخره قال لي: أما أنت فجزاك الله خيرًا، وأما أنا فما فهمت منه حرفًا" أ. هـ.
• السير: "وقال المبرِّد: كان المازني إذا ناظر أهل الكلام لم يستعن بالنحو وإذا ناظر النحاة لم يستعن بالكلام" أ. هـ.
• البداية والنهاية: "كان ورعًا زاهدًا ثقة مأمونًا" أ. هـ.
• لسان الميزان: "قال الحافظ: وكان شيعيًا إماميًا على رأي ابن ميثم ويقول بالإرجاء ... يقال: إنه قيل له: لم قَلَّتْ روايتك عن الأصمعي؟ فقال: رميت عنده بالقدر ومذهب الاعتزال" أ. هـ.
• بغية الوعاة: "كان يقول بالإرجاء ... وسئل المازني عن أهل العلم، فقال: أصحاب القرآن فيهم تخليط وضعف وأهل الحديث فيهم حشو ورفاعة والشعراء فيهم هوج، والنحاة فيهم ثقل وفي رواة الأخبار الظرف كله، والعلم هو الفقه" أ. هـ.
• قلت: قال رشيد عبد الرحمن العبيدي في كتابه "أبو عُثمَان المازني" صفحة (٦٠) وتحت عنوان دينه ومعتقده: "إن من صفات شخصية المازني أنه (كان في غاية الورع زاهدًا)، حتى إن الرواة ليدلون على ورعه، بأنه امتنع من إقراء اليهودي (كتاب سيبويه) مع العلم بأن اليهودي قد بذل له -كما تقول الرواية- مائة دينار على تدريسه، مع قلته وشدة ضائقته المالية.
ولئن دل امتناعه هذا على شيء فلقد دل على زهده وتقواه غير أن شيئًا واحدًا يستوجب لفت النظر، ذلك أن المازني قد قبل الألف الموهوب من الخليفة، فإن كان ما رووه عن زهده صحيحًا فإن قبوله الهبة تقف حائلًا بين أن يكون زاهدًا عن الدّنْيا مترفعًا عن المادة وتصديقنا ما أخبرونا عنه.
ولقد التفت (الدُّلجى) إلى هذا الجانب من شخصية المازني، فقال: (ولا يقال كان زاهدًا بدليل قبوله الألف الموهوب له، لأن الفاقه الدائمة يلزمها حوائج مجتمعة ومصارع مؤخرة لا تفي بها الألف ولا فوقها، والدنانير إنما هي دنانير بغداد وهي دراهم في الحقيقة).
والحق أنه كان زاهدًا تقيًا ورعًا مقيمًا للصلوات فإن قبول هبة لا تعني ترك الزهد، لقد كان شديد الإيمان بالغيبيات شبيها بالفقهاء لذلك قال القاضي بكار بن قتيبة فيه: (لم أرَ نحويًا قط يشبه الفقهاء إلا ... المازني يعني أبا عثمان) ومع ورعه الشديد وتقواه: ... فقد كان لا يعبأ أن يسوق من الخبر ما ينبو لفظه عن الذوق.
إن صفاته هذه صفات عالم عاش في هذا العصر ونشأ في مراكز العلم والحضارة كبغداد والبصرة والكوفة، ولا عجب أن يجمع المازني بين شدة الدين والورع من جهة، ونصيب من الدّنْيا من جهة أخرى.
أما تفكيره الديني وعقيدته، فالظاهر أنها كانت مشوبة بشيء من الميل عن مذاهب أهل السنة والجماعة، والمرجح أن أيامه الأولى كانت كذلك