اليهود وسائر الكافرين، لأنهم يظهرون لمحمد من موالاته وموالة أخيه علي ومعاداة أعدائهم، فهم يقدرون فيهم نفاقهم معهم كنفاقهم مع محمّد وعلي، ولكن لا يعلمون أن الأمر كذلك وأن الله يطلع نبيه على أسرارهم فيخشاهم ويلعنهم ويسقطهم" أ. هـ.
وعند تفسيره لقوله تعالى في الآيتين (١٥٩، ١٦٠) من سورة البقرة {مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (١٥٩) إلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} يقول (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات من صفة محمّد وصفة علي وحليته، والهدى بعدما بيناه للناس في الكتاب).
قال: والذي أنزلناه هو ما أظهرناه من الآيات على فضلهم ومحلهم، كالغمامة التي تظل رسول الله في أسفاره، والمياه الأجاجة التي كانت تعذب في الآبار بريقه، والأشجار التي كانت تتهدل ثمارها بنزوله تحتها، والعاهات التي كانت تزول بمسح يده عليها أو بنفث ريقه فيها، وكالآيات التي ظهرت على عليّ من تسليم الجبال والصخور والأشجار قائلة: يا ولي الله ويا خليفة رسول الله، السموم القاتلة التي تناولها من سمي باسمه عليها ولم يصبه بلاؤها. وسائر ما خصه الله تعالى به من فضائله، فهذا من الهدى الذي بينه الله للناس في كتابه ... الخ.
روايات مكذوبة في فضل أهل البيت: وعند تفسيره لقوله تعالى في الآية (٣) من سورة البقرة { ... الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيبِ} يقول "ثم وصف هؤلاء المتقين الذين هذا الكتاب هدى لهم فقال: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيبِ} يعني بما غاب عن حواسهم من الأمور التي يلزمهم الإيمان بها، كالبعث، والنشور، والحساب، والجنة، والنار، وتوحيد الله تعالى، وسائر ما لا يعرف بالمشاهدة وإنما يعرف بدلائل قد نصبها الله عزَّ وجلَّ عليها كآدم، وحواء، وإدريس، ونوح، وإبراهيم، والأنبياء الذين يلزمهم الإيمان بهم بحجج الله تعالى وإن لم يشاهدوهم، ويؤمنون بالغيب وهم من الساعة مشفقون، وذلك أن سليمان الفارسي مر بقوم من اليهود فسألوه أن يجلس إليهم ويحدثهم بما سمع من محمّد في يومه هذا، فجلس إليهم لحرصه على إسلامهم فقال. سمعت محمدًا يقول: إن الله عزَّ وجلَّ يقول: يا عبادي: أو ليس من له إليكم حوائج كبار لا تجودون بها إلا أن يتجمل عليكم بأحب الخلق إليكم تقضونها كرامة لشفيعه؟ ألا فاعلموا أن كرم الخلق علي وأفضلهم لدى محمّد وأخوه علي، ومن بعده الأئمة الذين هم الوسائل إلى، ألا فليدعني من أهمته حاجة برد نفعها، أو دهته دهياء يريد كف ضررها بمحمد وآله الأفضلين الطيبين الطاهرين أقضها له أحسن مما يقضيها من تشفعون إليه بأعز الخلق عليه. قالوا لسلمان -وهم يستهزؤون به- يا عبد الله فما بالك لا تقترح على الله وتتوسل بهم أن يجعلك أغنى أهل المدينة؟ فقال سلمان: قد دعوت الله عزَّ وجلَّ بهم، وسألته ما هو أجل وأفضل وأنفع من ملك الدنيا بأسرها، وسألته بهم أن يهب لي لسانًا لتمجيد شأنه شاكرًا، وقلبًا لآلائه ملتمسي من ذلك، وهو