للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(١/ ٤٨):

"فإن اليد تحتمل القدرة والجارحة لكنها بالنسبة إلي القدرة مرجوحة فالرجحان مشترك بين النص والظاهر ويسمي بالمحكم، وعدم الرجحان مشترك بين الجمل والمؤول ويشملهما المتشابه. والنص يمتاز عن الظاهر بأنه لا يحتمل الغير، والظاهر يحتمله احتمالًا مرجوحًا، والمجمل يتميز بكونه غير مرجوح، والمؤول مرجوح، والتأويل اشتقاقه من آل يؤول أي رجح. وفي الاصطلاح، كما تقرر، حمل الظاهر علي المحتمل المرجوح فيشمل التأويل الفاسد والتأويل الصحيح؛ فإن أريد التأويل الصحيح فقط فقد زيد في الرسم بدليل مصيره راجحًا أي بحسب ذلك الدليل وإن كان مرجوحًا بحسب مفهوم اللفظ وضعًا أو عرفًا كما قلنا في اليد بمعني القدرة".

وفي المجاز قوله أيضًا: "العلاقة المعتبرة في المجاز إنما تقع بحكم الاستقراء علي نيف وعشرين وجهًا؛ منها الاشتراك في صفة ظاهرة كالأسد علي الرجل الشجاع لا علي الأبخر لخفاء ذلك. وهذا معظم أنواع المجاز لأنه إطلاق اسم الملزوم علي اللازم. وأكثر المجازات بل جميعها يرجع إلي ذلك. ومنها الاشتراك في الشكل كالإنسان للصورة المنقوشة. ومنها كونه آيلًا إلي ذلك كالخمر للعصير، أو كائنًا عليه كالعبد علي من أعتق. ومنها الجاورة مثل جري الميزاب إذ الجاري في الحقيقة هو الماء لا الميزاب المجاور له. ومنها إطلاق اسم الحال علي المحل مثل {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (١٠٧)} [آل عمران: ١٠٧] أي في الجنة لأنها محل الرحمة. ومنها عكسه كقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يفضض الله فاك) أي أسنانك، إذ الفم محل الأسنان. ومنها إطلاق اسم السبب علي المسبب كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "بلُّوا أرحامكم ولو بالسلام" أي صلوها فإنهم لما رأوا بعض الأشياء يتصل بالنداوة استعار - صلى الله عليه وسلم - البلّ للوصل. ومنها عكس ذلك كقولهم للخمر إثم، ليكون الإثم مسببًا عنها. ومنها العكس نحو الجزء، نحو {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} [البقرة: ١٩] أي أناملهم. ومنها إطلاق الكل علي {كُلُّ شَيءٍ هَالِكٌ إلا وَجْهَهُ} [القصص: ٨٨] أي ذاته. ومنها اسم المطلق علي المقيد كقوله:

فيا ليت كل اثنين بينهما هوي ... من الناس قبلَ اليوم يلتقيان

أي قبل يوم القيامة. ومنها العكس كقول شريح: أصبحتُ ونصفُ الخلق علي غضبان، يريد المحكوم عليهم وظاهر أنهم ليسوا النصف سواء. ومنها اسم الخاص علي العام كقوله سبحانه {وَحَسُنَ أولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: ٦٩] أي رفقاء له تعالي. ومنها العكس كقوله سبحانه حكاية عن محمّد - صلى الله عليه وسلم - {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: ١٦٣] لأن الأنبياء قبله كانوا كذلك. ومنها كون المضاف محذوفًا نحو {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢] ومنها كون المضات إليه محذوفًا كقوله: (أنا ابن جلا وطلاع الثنايا). أي أنا ابن رجل جلا. ومنها إطلاق اسم آلة الشيء عليه مثل {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ} [الشعراء: ٨٤] أي ذكرًا حسنًا، لأن اللسان آلة الذكر. ومنها إطلاق اسم الشيء علي بدله، كما يقال: فلان أكل الدم، أي دينه قال: (يأكلن كل ليلة إكافًا). أي ثمن إكاف. ومنها إطلاق النكرة للعموم كقوله