للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عز من قائل {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (١٤)} [التكوير: ١٤] أي كل نفس. ومنها إطلاق اسم أحد الضدين علي الآخر مثل {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠] إذ جزاء السيئة حسنة، ومنه قولهم: قاتله الله ما أحسن ما قال، يريدون الدعاء له. ومنها إطلاق المعرَّف باللام وإرادة واحد منكر كقوله تعالى {ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} [النساء: ١٥٤]، أي بابًا من أبوابها وسيجيء. ومنها الحذف نحو {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [النساء: ١٧٦]، أي لئلا تضلوا. ومنها الزيادة نحو {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ} [الشورى: ١١].

واعلم أن المجاز بالحقيقة فرع من فروع التشبيه؛ لأنك إذا قلت: زيد أسد، فكأنك قلت: زيد كالأسد في الجراءة، فيستدعي مشبهًا ومشبهًا به ووجه شبه بينهما".

وقال في (١/ ٥٠): "الاستعارة نوع من المجاز لأن المستعار له، وهو زيد مثلًا في قولك: زيد أسد، يبرز في معرض المستعار منه، وهو الأسد، نظرًا إلي الدعوي. وهذا شأن العارية. وإنما جرأهم علي الدعوي ما رأوا بينهما من الاشتراك في اللازم وهو الشجاعة".

وفي (١/ ٥٣) من مقدمته وبعد ذكر التقسيمات يعرف منها اصطلاحات مهمة ذكرها من أجل معرفة أوجه الكلام وعلمه واصطلاحته قال: "وإذا عرفت ما ذكرنا من التقسيمات لا يخفي عليك المقصود من إيرادها لأن معاني كتاب الله تعالي منها محكم ومتشابه، ومنها مجمل ومبين، ويندرج فيهما المنسوخ والناسخ باعتبار، لأن النسخ بيان انتهاء أمد الحكم الشرعي؛ ومنها عام وخاص، ومنها مطلق ومقيد؛ ومنها أمر ونهي؛ ومنها ظاهر ومؤول؛ ومنها حقيقة ومجاز؛ ومنها تشبيه وتمثيل؛ ومنها كناية وتصريح؛ ومنها الكلي والجزئي، ومنها الخبر والطلب بأقسامهما؛ ومنها الأحكام بأصنافها. ولا ريب أن تصور هذه الاصطلاحات وتذكرها في علم التفسير أمر مهم والله أعلم".

وأجابَ في مقدمته العاشرة من تفسيره (١/ ٥٤) في أن كلام الله تعالى قديم أم لا؟ قوله: "ذكر قوم من أئمة الأمة أن كلام الله تعالى قديم بعد أن عنوا بكلامه هذه الحروف المنتظمة المسموعة أما أن كلامه تعالي هو هذه الحروف فلقوله تعالى {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: ٦]. ومعلوم أن المسموع ليس إلا هذه الحروف. وأما أنها قديمة فلأن الكلام صفة لله تعالي، ومن المحال قيام الحادث بالقديم. وأيضًا كل حادث متغير والتغير علي ذات الله تعالى وصفاته محال. وزعم قوم أن الكلام المؤلف من الحروف والأصوات يمتنع أن يكون قديمًا بالبديهة؛ وكيف لا وإنها أصوات تحدث قارنها شيئًا بعد شيء فلو قلنا: إنها عين كلام الله تعالى لزمنا القول بأن الصفة الواحدة بعينها قائمة بذات الله تعالى، وحالة في بدن هذا الإنسان وهذا معلوم الفساد. وجمع قوم بين المذهبين فقالوا: للشيء وجودٌ في الأعيان، ووجودٌ في الأذهان، ووجودٌ في العبارة، ووجودٌ في الكتابة. فللقرآن وجود عني وهو القائم بذات الله تعالى، وأنه قديم لا محالة لا يتطرق إليه شيء من صمات النقص؛ ووجود ذهني كالحفاظ للقرآن، ووجود في العبارة وهو علي لسان