وقال في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥)} [المؤمنون: ٥] التي اعتمد الشيعة في تأويلها عن أساس إباحة المتعة عندهم، حيث قال في تفسيرها (٥/ ١١٠): "والمعنى أنهم مستمرون علي حفظ الفروج في كافة الأحوال إلا في حال تزوجهم أو تسريهم. أو تعلق الجار بمحذوف يدل عليه {غَيرُ مَلُومِينَ} كأنه قيل: يلامون علي كل من يباشرونه إلا علي أزواجهم لأنهم غير ملومين عليهن".
ثم قال في الآية التي بعدها:{فَمَنِ ابْتَغَى} أحدًا {وَرَاءَ ذَلِكَ} الحد الذي شرع وهو إباحة أربع من الحرائر وما شاء من الإماء وكفي به حدًّا فسيحًا {فَأُولَئِكَ هُمُ} الكاملون في العدوان المتناهون فيه.
قيل: لا دليل فيه علي تحريم نكاح المتعة لأنها من جملة الأزواج إذا صح النكاح. ومنع من أنها من الأزواج ولو كانت زوجة لورث منها الزوج لقوله {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ}[النساء: ١٢] ولو ورثت منه لقوله {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ}[النساء: ١٢] ثم الآية من العمومات التي دخلها التخصيص بدلائل أخر فيخرج منها الغلام بل الوطء في الدبر علي الإطلاق لأنه ليس موضع حرث، وكذا الزوجة والأمة في أحوال الحيض والعدة والإحرام ونحوها. وقال أبو حنيفة: الاستثناء من النفي ليس بإثبات فقوله "لا صلاة إلا بطهور" ولا نكاح إلا بولي"، لا يقتضي حصول الصلاة والنكاح بمجرد حصول الطهور والولي، ولا تخصيص عنده في الآية.
والمعنى أنه يجب حفظ الفروج عن الكل إلا في هاتين الصورتين فإني ما ذكرت حكمهما لا بالنفي ولا بالإثبات، وهكذا نقله الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره".
ونذكر الآن ما قاله في حادثة الإفك من سورة النور (الآية: ١١)، وسبب نزول هذه الآية (٥/ ١٦٦): "إنه سبحانه لما ذكر من أحكام القذف ما ذكر أتبعها حديث إفك عائشة الصدّيقة وما قذفها به أهل النفاق".
ثم ذكر الأحاديث التي رويت في حادثة الإفك عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنه -، وقد دافع عنها وجاء بتفسير الآية، ما اعتمده وفسَّره أهل السنة والجماعة، والرد علي من طعن في زوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الطاعنين من الشيعة خاصة وغيرهم من فرقهم ومن نحي منحاهم، نسأل الله تعالى العفو والعافية.
حتى قال بعد أن ذكر تفسير الآية وذكر القصة ودواخلها (٥/ ١٦٨): "قال العلماء: يجوز أن تكون زوجة النبي كافرة كامرأة نوح ولوط، ولا يجوز أن تكون فاجرة لأن الأنبياء معصومون عن المنفرات البتة فإن حصول المنفر معه ينافي بعثته لكن الكفر غير منفر للكفرة".
حتى قال بعد كلام طويل في ذلك:"وهذا القدر كافٍ في التزام أولئك الطاعنين، وإلا فهم في نفس الأمر بالنسبة إلي هذه الواقعة كاذبون كما مر تقريره آنفًا".
ثم استبشع القاذف في محصنات المسلمين، وخاصة أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله (٥/ ١٦٩): "والقذف كبيرة من الكبائر كما سبق لا سيما قذت زوجة النبي، وخاصة نبينا - صلى الله عليه وسلم -، فلهذا قال: