وآخرهم محمّد بن الحسن، وقد نص كل إمام على من يليه.
ويورد ابن المطهر بعد ذلك ما يقابل هذا من مذهب أهل السنة -على حد زعمه- فهم عنده ينكرون عدل الله وحكمته، ويقولون بأن المطيع قد يُعذّب والعاصي قد يُثاب، وينكرون عصمة الأنبياء. وأما في الإمامة فإنهم يقولون إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينص على إمام بعده، بل بايع عمر بن الخطاب أبا بكر برضاء أربعة من الصحابة، ثم بايع المسلمون عمر لنص أبي بكر عليه، ثم اختير عثمان من بين ستة نص عليهم عمر، ثم بايع الخلق كلهم علي بن أبي طالب، ثم اختلف الناس فيما بينهم وانتهى خلافهم بانتقال الخلافة إلى الأمويين، إلى أن انتهى حكمهم وانتقلت الخلافة بعدهم إلى العباسيين.
وأما الفصل الثاني فهو أهم وأطول فصول الكتاب إذ يقع في حوالي خمس وأربعين صفحة (ص ٤ - ٥٠، ط. طهران). يقول ابن المطهر في أوله: إن اختلاف المسلمين وتفرقهم بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - يجعل من الواجب على المسلم تحري الحق، وقد وجد بعد البحث أن مذهب الإمامية واجب الاتباع لستة وجوه.
الوجه الأول: منها هو أن مذهب الإمامية أحسن المذاهب في الأصول والفروع. وهنا يعرض ابن المطهر بإيجاز لمذهب الإمامية في الصفات والقدر، وهو في عرضه هذا لا يحيد مطلقًا عن آراء المعتزلة في هاتين المسألتين، على أنه يضيف إلى هذه الأصول ما يذهب إليه الإمامية من القول بعصمة الأنبياء والأئمة. وأما في المسائل الفرعية فإن الإمامية يأخذون أحكامهم نقلًا عن الأئمة المعصومين ويرفضون الرأي والاجتهاد والقياس والاستحسان.
ويقارن ابن المطهر بعد ذلك مذهب الإمامية بالمذاهب الأخرى فيعرض لأقوال الأشاعرة والحشوية والمشبّهة والكرّامية في مسألة الصفات، ثم يعرض لما يعده مذهب أكثر المسلمين في القدر ومقتضاه القول بأن الله يفعل كل شيء حتى المعاصي والكفر والقبائح وأن العبد لا تأثير له في ذلك، ولا غرض لله تعالى في أفعاله ولا يراعى مصلحة العباد في فعله لها، وكل فعل للعبد فإنما يقع بإرادة الله تعالى. ثم يسرد ابن المطهر النتائج الشنيعة التي تترتب على هذه الأراء إذ لا يبقى هناك فرق بين الطاعة والمعصية والثواب والعقاب، وتنتفي الثقة بالله تعالى ورسله وأنبيائه.
ويعود ابن المطهر فيعرض بالتفصيل لما أجمله من قبل فينقد رأي الأشاعرة في إمكان رؤية الله وفي أن كلام الله قديم، ويشرح مرة أخرى رأي مخالفي الإمامية والاسماعيلية (ونصه عليهم هنا- ص ١٢ ط. طهران- له دلالته الخاصة) في مسألة عصمة الأئمة، ويبين الأضرار الناجمة عن الأخذ بالقيامى والرأي في أحكام الشريعة.
والوجه الثاني: من الوجوه الدالة على وجوب اتباع مذهب الإمامية قائم على حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة، واحدة منها ناجية والباقي في النار، والفرقة الناجية التي يدل عليها الحديث عند ابن المطهر هي فرقة الإمامية. وهو هنا يرجع إلى شرح الخواجة نصير الدين الطوسي للحديث وينص