للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مالك بن أنس، والليث بن سعد، والأوزاعي، وسفيان الثوري، وابن عيينة، والشافعي، وأحمد بن حنبل.

على أن للراغب نصيبًا من الحكمة والاشتغال بالأدلة العقلية إلى جانب أدلة الشرع النقلية" أ. هـ.

ثانيًا: قول محقق كتاب "مقدمة جامع التفاسير، مع تفسير الفاتحة" (١) للدكتور أحمد حسن فرحات في مقدمته أيضًا (ص ١٣):

"لقد أوتي الراغب الأصفهاني عقلًا كبيرًا، وقدرة فائقة على الجمع بين الأقوال التي يبدو أنها متعارضة كما يظهر ذلك من خلال كتبه ومؤلفاته، وكتابه هذا (جامع التفاسير) خير مثال لما نقول، وقد جرى في تفسيره على نفس الأصول التي قررها في المقدمة، وهو يحاول دائمًا تصحيح كل قول باعتبار يشهد له إن أمكن، ولا يردُّه إلا إذا كان ظاهر الفساد واضح البطلان، وقد وُفق الراغب في هذا النهج الذي سلكه توفيقًا كبيرًا نتيجة لقدرته الفائقة على السبر والتقسيم وإدراك الدقائق والفروق، ورد الجزئيات إلى كلياته، وعدم تعصبه لمذهب معين، مما جعله صاحب شخصية مستقلة في الفهم يصعب إدراجه ضمن مذهب محدد من المذاهب الكلامية المعروفة وهذا ما دعا المترجمين له إلى الاختلاف في بيان عقيدته".

ثم ذكر الدكتور أحمد فرحات قول السيوطي في بغيته كما ذكرناه سابقًا وعقب عليه قائلًا:

(فالسيوطي رغم اطلاعه الواسع وقراءاته الكثيرة كان يظن أن الراغب معتزلي حتى وجد نصًّا للزركشي يبين أنه من أهل السنة ويفرح لذلك ويعلّق عليه بقوله: "وهي فائدة حسنة فإن كثيرًا من الناس يظنون أنه معتزلي، ومبعث هذا الظن هو ما قدّمناه من عدم التزامه بمذهب معين، ومحاولته الجمع بين الأقوال باعتبارات متعدّدة ما أمكنه ذلك، إلا إذا كان الأمر لا يصح بأي اعتبار فإنه يردّه ولا يقبله.

ويرى صاحب "روضات الجنات" أنه أقرب لأن يكون أشعريًا وذلك حين يقول: "قيل: ويظهر أنه كان أشعريّ الأصول".

ولا يمكن الجزم بذلك نظرًا لعدم الالتزام الكامل كما قلنا بمذهب من المذاهب، نعم قد يستفاد هذا من بعض المواقف أو بعض الأقوال، لكن تعميم ذلك يحتاج إلى استقراء، وذلك يصعب توافره نظرًا لمنهج الراغب الذي يقوم على قبول الأقوال المتعددة باعتبارات مختلفة، ولعلّ الذي ينفي أنه من المعتزلة ويُثْبت أنه من الأشاعرة يعتمد على مثل هذا القول الذي ذكره الراغب في كتابه المفردات حيث قال في معرض تفسيره لمادة جبر:

.. فأما في وصفه تعالى نحو "العزيز الجبار المتكبر": فقد قيل سُمِّي بذلك من قولهم: جبرتُ الفقير لأنه هو الذي يَجْبُر الناس بفائض نعمه.

وقيل: لأنه يَجبُرُ الناس -أي: يقهرهم- على ما يريده، ودَفَع بعض أهل اللغة ذلك من حيث اللفظ فقال: لا يقال من "أفْعَلْتُ": "فَعَّال" فـ"جبّار" لا يبني من "أجبرت" فأجيب عنه بأن


(١) "مقدمة جامع التفاسير، مع تفسير الفاتحة" حققه وقدم له، وعلق حواشيه الدكتور أحمد حسن فرحات، الطبعة الأولى، لسنة (١٤٠٥ هـ - ١٩٨٤ م)، دار الدعوة.