للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حب الرجل لآل البيت، وعلى نقله عن الإمام عليّ - رضي الله عنه -، وهذا أمر لا يخلو منه قلب مؤمن بكتاب الله وسنة رسوله، فليس لهم في هذا دليل دامغ.

أما أن الراغب ركز روايته عن علي متعمدًا عدم روايته عن غيره فهذا لا يتفق وحقيقة ما جاء في كتب الرجل، ففي "الذريعة" و"تفصيل النشأتين" روايات عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، كما أن الرجل يروي عن الزهاد كالحسن البصري والفضيل بن عياض وغيرهما، ولعل هذا يرد على سؤال لماذا يكثر النقل عن عليّ - رضي الله عنه -؟ إذ الأمر مرتبط بمناسبة النقطة التي يبحثها، هذا إلى جانب أن للإمام عليّ كلامًا مجموعًا يسهل الاستدلال منه.

كذلك فإن أهل السنة الذين ترجموا للشيخ الراغب لم يشيروا إلى هذه النقطة، ولو كانت واردة كشائعة أو متضمنة في كتبه لما سكتوا عنها، بل ربما ما ترجموا للرجل ولا اهتموا به. وما أظن أن هناك مسوغًا لمحاولة افتعال موقف متوسط للرجل بين السنة والشيعة، وحسبنا أن نتذكر ما أجمع عليه المترجمون له، من عدم تمذهبه، ولا تورطه في فكر حزبي بل كان مشغولًا باستخراج طريق شرعي للإنسان من خلال فهمه للكتاب والسنة) أ. هـ.

ثم ذكر المحقق اتهامه بالاعتزال، وأورد أيضًا "قول السيوطي في البغية" ثم قال المحقق معقبًا على قول السيوطي:

(واستخدام كلمة "في ظني" من السيوطي العالم المؤرخ أمر له دلالته، فلم يكن الأمر عنده محققًا وبالغًا حد الاعتقاد مع معرفته بالفكر وغوصه في أبوابه وفروعه.

كذلك نلحظ أن "كثيرًا من الناس يظنون" عبارة تدل على أن الأمر بين الناس كان في دائرة الشائعات التي تدور بين العامة، ربما عن قصد ممن أثارها لغرض بعيد، وربما لكلمة أطلقت بحسن قصد.

ويبدو أن الاتهام بالاعتزال في هذا العصر كان شيئًا مألوفًا حتى بين العلماء أنفسهم أحيانًا، فقد اتهم ابن الصلاح الماوردي صاحب أدب الدنيا والدين (ت ٤٥٠ هـ) بالاعتزال، كما جاء في طبقات السبكي، وبنى ابن الصلاح اتهامه على فهم فهمَه من كلام الماوردي، وإن كان قد أنصف الرجل حين قال "رجل لا يتظاهر بالانتساب إلى المعتزلة ... ثم هو ليس معتزليًا مطلقًا فإنه لا يوافقهم في جميع أصولهم مثل خلق القرآن كما دل عليه تفسيره في قوله عزَّ وجلَّ: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} وغير ذلك". ويدفع هذه التهمة محقق أدب الدنيا والدين فيقول: "غير أنا نقول أن اتهام المحدثين للعلماء بالإعتزال والتشيع وبما هو أكبر من ذلك. وقد كثر وشاع. ولعل هذا الذي ذكره ابن الصلاح كان نوعًا من اجتهاد الماوردي، وترجيحه بين الآراء العلمية ترجيحًا عقليًا، يوافق بعض آراء المعتزلة أحيانًا. وهو بريء من الإعتزال جملة، وكل ما في الأمر أنه غلبت عليه صفة الفقيه العالم الذي يوازن بين الآراء، ويرجح بعضها على بعض، دون نظر إلى القائل بهذا