للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرأي أو ذاك" (١).

ويؤكد هذا بأن موافقة عالم من العلماء لطائفة ما في بعض آرائهم لا يسوغ عده منهم بل الموضوعية تقضي بأن نتحرى الموقف العلمي، وغاية ما نرتضيه أن نحكم على الرجل أنه حاد في كذا عن سمته الفكري.

هذا والأمر لا يزال في دائرة الظن، والظن هنا لا يغني عن الحق شيئًا، لأن الأمر لا يخص واحدًا من عامة الناس، بل يخص عالمًا يملأ دنيا عصره، فكيف يقبل أن يكون فكره ومذهبه فيه مجهولين إلى حد الظن الذي يستوي فيه هنا العلماء والعامة.

أما أن هذه التهمة ألصقت بالراغب لاهتمامه بالعقل في كتاباته، ونفي الصفات عن الله كما يقول البعض فهذا أمر يحتاج إلى وقفة ولو موجزة) أ. هـ.

ثم ذكر المحقق الدكتور أبو اليزيد العجمي ثلاث نقاط جعل منها منطلقًا حول قيمة العقل بالإسلام، وجعله الله تعالى له ليكرمه عن بقية المخلوقات، ثم ذكر أقوال العلماء في ذلك، وكيف اهتم علماء المسلمين بذلك على مختلف الأزمان ثم تكلم المحقق حول أنواع العقل وجعل العقل عقلان: عقل غريزي وهو القوة المتهيئة لقبول العلم من حيث القوة موجود في كل خليفة من الآدميين.

والثاني عقل مستفاد وهو الذي تقوى به تلك القوة. (٢)

ثم ذكر المحقق كما أنه قد اهتم الراغب بالعقل والكلام فإن شيخ الإسلام ابن تيمية قد اهتم بهذا الأمر فوق كل اهتمام سبقه، وقد أفرد لذلك سفرًا ضخمًا عديدة وهو "درء تعارض العقل والنقل"، ثم ينقل المحقق بعض النقولات من كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية لإسناد تفصيل ذلك حول اتهام الراغب بالاعتزال، ثم قال المحقق (ص ٣٥) عند نهاية النقطة الثانية:

(فبعد هذه الإشارات الدالة على اهتمام العلماء يصلح أن نبني حكمًا بالاعتزال على عالم مسلم لمجرد أنه اهتم بالعقل في بحوثه؟ يغلب على الظن أن أمانة البحث تقضي بالإجابة بـ لا يصح هذا، وإلا اتهمنا الجميع بالاعتزال حتى أشد الناس سلفية وارتباطًا باهل السنة) أ. هـ.

ثم بدأ المحقق بالنقطة الثالثة قائلًا:

(بعد أن تداعت حجة الاهتمام بالعقل سببًا لاتهام الراغب بالاعتزال، نقول: أما بالنسبة لما ذكره أحد الباحثين من أن الشيخ الأصفهاني يوافق المعتزلة في نفيهم الصفات عن الله سبحانه. نقول: تفرد بهذا الزعم هذا الباحث، فلم نجده عند غيره ممن ذكرنا تعريفاتهم بالرجل شيئًا كهذا.

وإلى جانب تفرده به فهو محض افتراء لأن الصفحة التي أشار إليها من "الذريعة، ليس بها


(١) الماوردي: "أدب الدنيا والدين" تحقيق د. مصطفى السقا (ص ٦) من المقدمة، ط، الأولى- نقلًا من هامش المحقق.
(٢) مقدمة المحقق أبو اليزيد العجمي "الذريعة إلى مكارم الشريعة" (ص ٣٤).