وقال في صفة (العلي)(٦/ ١٧٩٢): ""العلي" فعيل من العلو، ومعناه البالغ في علو الرتبة إلى حيث لا رتبة إلا وهي منحطة عنه، وهو من الأسماء الإضافية. قال بعض الصالحين: العلي الذي علا عن الدرك ذاته، وكبر عن التصور صفاته. وقال آخر: هو الذي تاهت الألباب في جلاله، وعجزت العقول عن وصف كماله. وحظ العبد منه: أن يذل نفسه في طاعة الله ويبذل جهده في العلم والعمل، حتى يفوق جنس الإنس في الكمالات النفسانية، والمراتب العلمية والعملية" أ. هـ.
وقال في الاسم والمسمى (٦/ ١٧٦٦): "روى الشيخ محيي الدين النواوي عن الإمام أبي القاسم القشيري: في الحديث دليل على أن الاسم هو المسمى، إذ لو كان غيره لكانت الأسماء لغيره. لخصَّ هذا المعنى القاضي، وأجاب عنه حيث قال: فإن قيل: إذا كان الاسم عين المسمى لزم من قوله (إن لله تسعة وتسعين اسمًا) الحكم بتعدد الإله؛ فالجواب من وجهين: الأول: أن المراد من الاسم هاهنا اللفظ، ولا خلاف من تعدد الأسماء تعدد المسمى. والثاني: أن كل واحد من الألفاظ على الله سبحانه يدل على ذاته باعتبار صفة حقيقية، أو غير حقيقية، وذلك يستدعي التعدد في الاعتبارات والصفات دون الذات، ولا استحالة في ذلك" أ. هـ.
وقال في صفة القبضة (١٠/ ٣١٦١): "وقوله: "بحقوى الرحمن": استعارة أخرى مثلها. والقول الثاني على الكتابة الإيمانية. وهي أخذ الزبدة والخلاصة من مجموع الكلام من غير نظر إلى مفردات التركيب حقيقتها ومجازها.
الكشاف في قوله تعالى:{وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْويَّاتٌ بِيَمِينِهِ}[الزمر: ٦٧] الغرض من هذا الكلام إذا أخذته كما هو بجملته ومجموعه تصوير عظمته والتوقف على كنه جلاله لا غير، من غير ذهاب بالقبضة ولا باليمين إلى جهة حقيقة أو جهة مجاز. ثم قال: ولا ترى بابا في علم البيان أدق ولا ألطف من هذا الباب، ولا أنفع ولا أعون على تعاطي تأويل المتشابهات من كلام الله في القرآن وسائر الكتب السماوية وكلام الأنبياء! فإن أكثره وأغلبه تخيلات قد زلت فيها الأقدام قديمًا وحديثًا. والله أعلم بالصواب" أ. هـ.
وقال في قول القائل:(أين كان عرش ربنا؟ ) أو (أين الله)؟ :"ولا بد في قوله: "أين كان ربنا؟ " مضاف محذوف كما حذف في قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ}[البقرة: ٢١٠] ونحوه، فيكون التقدير: "أين كان عرش ربنا؟ " يدل عليه قوله تعالى: {كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}[هود: ٧].
قال الأزهري: نحن نؤمن به ولا نكيفه بصفة، أي نجري اللفظ على ما جاء عليه من غير تأويل. أقول: لم يفتقر إلى التقدير، ولا بد لقوله: "في عماء" بالمد، من التأويل حتى يوافق الرواية الأخرى: "عمى" مقصورًا، وأما ما ورد في الصحاح عن عمران بن الحصين - رضي الله عنه -: "كان الله ولم يكن شيء وكان عرشه على الماء" وذلك أن قوله: "ما تحته هواء وما فوقه هواء" جاء تتميمًا وصونًا لما يفهم من قوله: "في عماء" من المكان فإن الغمام المتعارف محال أن يوجد بغير هواء فهو نظير قوله: "كلتا يديه يمين" على ما سبق،