للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

توقف المتردد في أمر أنا فاعله إلا في قبض نفس عبدي المؤمن، أتوقف فيه حتى يُسهل عليه، ويمل قلبه إليه شوقًا إلى أن ينخرط في سلك المقربين، ويتبوأ في أعلى عليين" أ. هـ.

قال في النزول (٤/ ١٢٠٤): "قوله: "ينزل ربنا" "قض": لما ثبت بالقواطع العقلية والنقلية أنه تبارك وتعالى منزه عن الجسمية والتحيز، والحلول، امتنع عليه النزول على معنى الانتقال من موضع أعلى إلى ما هو أخفض منه، بل المعنى به على ما ذكره أهل الحق دنو رحمته، ومزيد من لطفه على العباد، وإجابة دعوتهم، وقبول معذرتهم، كما هو ديدن الملوك الكرماء، والسادة الرحماء، إذا نزلوا بقرب قوم محتاجين، ملهوفين فقراء مستضعفين. وقد روى: "يهبط من السماء العليا إلى الدنيا" أي ينتقل من مقتضى صفات الجلال التي تقتضي الأنفة من الأرذال، وعدم المبالاة، وقهر العداة، والانتقام من العصاة، إلى مقتضى صفات الإكرام المقتضية للرأفة والرحمة، وقبول المعذرة، والتلطف بالمحتاج، واستعراض الحوائج، والمساهلة والتخفيف في الأوامر والنواهي، والإغضاء عما يبدو من المعاصي. انتهى كلامه. وقوله: "تبارك وتعالى" جملتان معترضتان بين الفعل والظرف، لما أسند ما لا يليق إسناده ما لا يليق إسناده بالحقيقة إليه، أتى بما يدل على التنزيه معترضًا، كقوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ} [النحل: ٥٧] " أ. هـ.

وقال في الضحك (٤/ ١٢٠٦): "قوله: "يضحك الله إليهم" الضحك من الله سبحانه وتعالى محمول على غاية الرضا والرأفة. وفي "إلى" معنى الدنو والقرب، كأنه قيل: إن الله تعالى يرضى عنهم، ويدنو إليهم برأفته ورحمته، وإليه ينظر قوله في الحديث السابق: "وهو قربة لكم إلى ربكم" ويجوز أن يضمن الضحك معنى النظر، ويعدى تعديته بإلى، فالمعنى أنه تعالى ينظر إليهم ضاحكًا، أي راضيًا عنهم متعطفًا عليهم؛ لأن الملك إذا نظر إلى بعض رعيته بعين الرضا، لا يدع من إنعام وإكرام إلا فعل في حقه. وفي عكسه قوله تعالى: {وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: ٧٧]. وعلى الوجه الأول: "يضحك" مستعار للرضا على سبيل التبعية، والقرينة الصارفة نسبة الضحك إلى من هو متعال عن صفات المخلوقين) (١) أ. هـ.

وقال في صفة النفس (٦/ ١٩٣٢): "قال: "اجعل حبك أحب إلى نفسي" بدل اجعل نفسك، مراعاة للأدب حيث لم يرد أن يقابل بنفسه نفسه عزَّ وجلَّ، فإن قيل: لعله إنما عدل؛ لأن النفس لا تطلق على الله تعالى، قلت: بل إطلاقه صحيح، وقد ورد في التنزيل مشاكلة؛ قال تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: ١١٦]. وقوله: "ومن الماء البارد" أعاد "من" هنا ليدل بذلك على استقلال الماء البارد في كونه محبوبًا، وذلك في بعض الأحيان، فإنه يعدل بالروح، وعن بعض الفضلاء: ليس للماء قيمة، لأنه يباع إذا وجد، ولا يباع إذا فقد" أ. هـ.


(١) قال المحقق في الهامش: "هذا الكلام غير مقبول لأنه لا مانع من إثبات ضحك لا مشابهة فيه للمخلوق بل على الوجه اللائق به سبحانه" أ. هـ.