للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

* قلت: ومن مقدمة "تفسير البغوي" (١) بقلم المحقق خالد عبد الرحمن صفحة (١٨) وفي معرض كلامه عن (مكانته العلمية):

"نُدرك مكانة الإمام البغوي من ظَفَرهِ بلقب "الإمام" و"مُحيي السنة" و "شيخ الإسلام"، وغير ذلك من النعوت التي أطلقها عليه بحق علماء زمانه ومن ترجم له، فهو حافظ لكتاب الله تعالى، ومُلِمٌّ بالقراءات، وعالم بما أثر عن الصحابة والتابعين في التفسير والفقه، وهو من أئمة الحديث وحفاظه، واسع المعرفة بمتونه وأسانيده، وأحوال رجاله ورواته، وهو ذو حافظة واعية، وشغف بالبحث والاطلاع، يجمع إلى صحة النقل وصدق الرواية، دِقّة التعبير ونَصاعَةِ الرأي، وجزالة البيان، وهو ذو أفقٍ واسع باللغة العربية وفقهها، عالم بعلومها وأساليبها ودقائقها، كما أنه واسع الاطلاع على المسائل الفقهية وخلافات الفقهاء، إذا أخذ بذكرها تجده بارعًا في جميعها وكأنه صاحب مذهب فيها، وهو لا يتعصب لمذهب ولا يندد بغيره من فقهاء المذاهب، حريص على نشر معارف وعلوم الكتاب والسنة، وتعميم تعاليمهما القويمة الصحيحة، والرجوع إلى الطريقة التي جرى عليها الصحابة والتابعون، ومن جاءوا بعدهم من الأئمة والسلف الصالح".

وقال عندما تكلم عن مذهب البغوي في العقيدة: "الإمام البغوي من أئمة السلف الصالح الذي كانوا لا يألون جُهدًا في نشر مذهب الصحابة الكرام في العقيدة وآيات الصفات.

وذلك دَأبُ السلف في نشر الإسلام وهديه، فهو من أصحاب الحديث المتمسكين بالكتاب والسنة، الذين يؤمنون بصفات الله تعالى التي نطق بها كتابه وتنزيلُه، وشهد بها رسولُه عليه الصلاة والسلام، على ما ورَدَت به الأخبارُ الصحاح، ونقلَهُ العدولُ الثقات، ولا يعتقدون تشبيهًا لصفات الرحمن ولا يكيّفونها بتكييف المُشبّهة والمؤوّلة.

والإمام البغوى في ذلك كباقي السلف رضي الله عنهم، فهذا الإمام محمّد بن الحسن الشيباني صاحب الإمام أبي حنيفة، ثبت عنه أنه قال: "اتفق الفقهاء من الشرق والغرب على أن الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاء بها الثقات عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صفات الربّ عزّ وجل، من غير تفسير -أي: تأويل- ولا تشبيه، فمن فسّر شيئًا من ذلك فقد خرج مما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفارق الجماعة، فإنهم لم يَصِفوا ولم يُفسّروا، ولكن آمنوا بما في الكتاب والسنة، فَمَن قال بقولِ جهَمٍ فارق الجماعة".

فلم يشتغل الإمام البغوى نفسه بحشو المتفلسفة والمتكلمين من أمثال الجهمية والمعتزلة والجبرية، ومن ماثلهم ممّن نهج نهجهم ... وإنما كان حريصًا كل الحرص على اعتماد منهج الصحابة الكرام في الصفات والمُعتقَد .. ".

وقال المحقق تحت عنوان أقوال العلماء فيه: "لقد أجمع علماء أهل السنة على جلالة قدّر الإمام البغوي ورسوخ علمه في الكتاب والسنة وعلومهما، لإمامته في التفسير والسنة والفقه.

١ - قال فيه الحافظ الذهبي: "الإمام العلّامة


(١) تفسير البغوي- تحقيق خالد عبد الرحمن العك ومروان سوار- دار المعرفة بيروت.