للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقال عند قوله تعالى: {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (*) إلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى} يعني لا يفعل ذلك مجازاة لأحد بيد له عنده، ولكنه يفعله ابتغاء وجه ربه الأعلى وطلب رضاه (١).

التعليق:

فالبغوي في كل تفسيراته لم يظهر من الآية صفة الوجه، وغاية ما عنده بعض التفسيرات الإجمالية التي ربما يستأنس بها، أما معظم التفسيرات فهي على طريقة المؤولة".

٧ - صفة المجيء والإتيان: "قال عند قوله تعالى من سورة البقرة: {هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ}.

والأولى في هذه الآية وفيما شاكلها، أن يؤمن الإنسان بظاهرها، أو يكل علمها إلى الله تعالى، أو يعتقد أن الله عز اسمه، منزه عن سمات الحدوث، على ذلك مضت أئمة السلف، وعلماء السنة، قال الكلبي: هذا من المكتوم الذي لا يفسر، وكان مكحول، والزهري، والأوزاعي، ومالك، وابن المبارك، وسفيان، والثوري، والليث بن سعد، وأحمد، وإسحاق، يقولون فيه وفي أمثاله: أمررها كما جاءت بلا كيف، قال سفيان بن عيينة: كل ما وصف الله به نفسه في كتابه، فتفسيره قراءته والسكوت عليه ليس لأحد أن يفسره إلا الله تعالى ورسوله (٢).

وقال عند قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} بلا كيف لفصل القضاء بين خلقه في موقف القيامة) (٣).

وقال عند قوله تعالى: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (*) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} قال الحسن: جاء أمره وقضاؤه، وقال الكلبي: ينزل حكمه (٤).

التعليق:

والصواب ما أثبته الإمام البغوي في تفسيره آية البقرة، والأنعام من إتيان ومجيء بلا كيف منزه عن سمة الحدوث والتشبيه بالمخلوق.

وأما ما ذكره عن الحسن فهو موجود ومنقول عن تفسير الثعلبي، وتفسير الثعلبي، مشحون بالموضوعات على الأنبياء والرسل، فكيف على الصحابة والتابعين، وهذه الرواية لو كان فيها خير لنقلها ابن جرير وغيره من أهل الخبرة بالأخبار والآثار، ولكن الثعلبي ينقل كل ما هبّ ودب. وهذه الرواية هي التي عوّل عليها بعض المعاصرين فجعلها حجة في التأويل وينبغي كما قيل: (إثبات العرش قبل النقش).

وأما إطلاق الروايات عن الصحابة والتابعين فهذا مما لا ينبغي أن يجعل مكان الحجة إلا بعد إثباته والله المستعان".

٨ - تفسير الكرسي: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}.

أي ملأ وأحاط به، واختلفوا في الكرسي فقال


(١) شرح السنة (٢٥٧/ ٧).
(٢) شرح السنة (١٩٧ - ١٩٨/ ١).
(٣) شرح السنة (١٠٢/ ٢).
(٤) شرح السنة (٢٤٦/ ٧).