جملة من كتبهم ثم إن يكون كل من جاء على أثر هذا المذهب وأشرب في قلوبهم الملائمة لهذا المشرب زاد في الطنبور نغمة وهتك عصمة ورفع وقعًا وأبرع وضعًا وجمع جمعًا وأسمع سمعًا وأراق عارًا وأظهر شنارًا وردّ على فقيه من فقهاء الشيعة وهدّ سدًّا من سنون الشريعة إلى أن انتهت النَّوبة إلى هذا الرَّجل فكتب في ذلك كتابًا وفتح أبوابًا وكشف نقابًا وخلّف أصحابًا فسمّى اتباعهم المقلِّدة له في ذلك بالكشفية. لزعمهم الاطّلاع على الأسارير المخفيِّة، ثم اتباع أتباعهم الذين آلت معاملة التأويل في هذه الأواخر.
وهم في الحقيقة أعمهون بكثير من غلاة زمن الصدوقين في قم الذين كانوا ينسبون الفقهاء الأجلّة إلى التقصير بسمة الشيخية والبشت سرية، من اللغات الفارسية لنسبتهم إلى الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي المتقدم ذكره وترجمته، وكان هو يصلي الجماعة بقومه خلف الحضرة المقدسة الحسينية في الحائر الشريف، بخلاف المنكرين على طريقته من فقهاء تلك البقعة المباركة، فأنهم كانوا يصلونها من قبل رأس الإمام - رضي الله عنه - ولهذا يسمون عند أولئك بالبالاسريَّة.
ولا يذهب عليك عبّ ما ذكرته لك كله أن منزلة ذلك الشيخ المقدِّم من هذه المقلّدة الغاوية المغوية، إنما هي منزلة العلوج الثلاثة الذين ادعوا النصرانية وأفسدوها بإظهارهم البدع الثلاث من بعد أن عرج بنبيهم المسيح بن مريم - صلى الله عليه وسلم -، كيف لا وقد ارتفع بهذه المقلدة المتمردة، والله، الأمان في هذه الأزمان، ووهنت بقوتهم أركان الشريعة والإيمان، بل حداهم خذلان الله، وضعف سلسلة العلماء، إلى أن ادعوا البابية والنيابية الخاصَّة عن مولانا الحجة صاحب العصر والزمان - رضي الله عنه -، وظهر فيهم من أظهر التحدي فيما أتى به من الكلمات الملحونة على أهل البيان، ووسم أقاويله الكاذبة ومن خرفاته الباطلة والعياذ بالله تبارك وتعالى بوسمة الصحيفة والقرآن، بل لم يكتف بكل ذلك حتى أنه طالب المجتهدين الأجلَّة بأن يتعرضوا لمثل هذا الإتيان ويظهروا من نظاير ذلك التبيان، ويبارزوا معه ميدان المبارزة لدى جماعة الأجامرة والنّسوان.
مع أن على كلّ ما انتحله من الباطل، أم أولعه من الفاسد العاطل، وصمة من وصمات الملعنة، والخروج عن الإسلام إلى دين جديد، مضافًا إلى ما انكشف من تعومه وسفهه عن الحق لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد وما انحسر عنه من أكاذيبه الواضحة فيما أخبر به من ظهور نور الحق في ما سلف عنا من قرب هذا الزمان، ثم اعتذر عنه لما أن ظهر كذبه الصريح بإمكاني وقوع البدأ فيما أحى إليه من جهة الشيطان.
ونحن فقد بذلنا الجهد حسب الوسع، والطَّاقة بمعونة صاحب القريعة في إطفاء نائرته وإخفائ دائرته، وتفضيح اتباعه جرة الملاعين، وتضييع أشياعه الكفرة بالأدلة والبراهين، إلى أن أعلنت والحمد لله كلمة الحق عليه وعلى أتباعه ودارت عليهم دائرة السَّوء التي لا تدع إن شاء الله تعالى شيئًا من شعبه وأفراعه وصار من رهائن بعض القلاع القاسية عن المسلمين بأمر سلطانهم المسخَّر له وجوه الممالك الواسعة من الطَّول والعرض، فصدق عليه:{فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ}. ثم قتل في بلدة تبريز المحروسة مع رجل آخر من أتباعه بهجوم صف من الجند المؤيّد عليهما بتفنجاتهم العادية بل القيت جثته الخبيثة عند