للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«الإيضاح» و «التكملة» قال له: كم لنا من الجموع على وزن فعلى؟ بكسر الفاء، وسكون العين، وفتح اللام، فقال المتنبي في الحال: حجلى وظربى، قال أبو علي:

فطالعت كتب اللغة ثلاث ليال على أن أجد لهذين الجمعين ثالثا فلم أجد.

وشعره أشهر من أن يذكر، وله ديوان مجموع، اعتنى العلماء به فشرحوه.

وذكر ابن خلكان: (أن بعض مشايخه الذين أخذ منهم قال: وقفت له على أكثر من أربعين شرحا ما بين مطولات ومختصرات، ولم يفعل هذا بديوان غيره، قال: ولا شك أنه رزق في شعره السعادة التامة.

قال ابن خلكان: من الناس من يرجح شعر المتنبي على شعر أبي تمام ومن بعده، ومنهم من يرجح شعر أبي تمام عليه) (١).

ومدح الملوك وغيرهم، وأجزلوا صلته، قيل: إنه وصل إليه من ابن العميد ثلاثون ألف دينار، ومن عضد الدولة صاحب شيراز مثلها، وبعد أن خلص من حبس الأمير لؤلؤ التحق بالأمير سيف الدولة ابن حمدان في سنة سبع وثلاثين، ثم فارقه، ودخل مصر في سنة ست وأربعين، فمدح كافورا الإخشيذي، فوعده كافور بولاية بعض أعماله، فلما رأى تعاطيه في شعره السمو بنفسه .. خافه، فعوتب في خلف وعده، فقال: يا قوم؛ من ادعى النبوة مع محمد صلّى الله عليه وسلم أما يدعي الملك مع كافور الإخشيذي؟ ! فحسبكم.

قيل: إن المتنبي أنشد سيف الدولة في الميدان قصيدة: [من الطويل]

لكل امرئ من دهره ما تعوّدا (٢) ...

فلما عاد سيف الدولة إلى داره .. استعاده إياها، فأنشدها قاعدا، فقال بعض الحاضرين ممن يريد أن يكيد المتنبي: لو أنشدها قائما .. لأسمع أكثر الناس، فقال المتنبي: أما سمعت أولها:

لكل امرئ من دهره ما تعودا

فهذا من مستحسن الأجوبة.

وكان لسيف الدولة مجلس يحضره العلماء كل ليلة، يتكلمون بحضرته، فوقع بين


(١) «وفيات الأعيان» (١/ ١٢١).
(٢) «ديوان المتنبي» (١/ ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>