للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتنبي وابن خالويه النحوي كلام، فوثب ابن خالويه على المتنبي فضرب وجهه بمفتاح كان في يده فشجه، فخرج ودمه يسيل على ثيابه.

وخرج إلى مصر، فامتدح كافورا، فلما لم يف له بما وعده .. ذمه، ثم رحل عنه وقصد بلاد فارس، ومدح عضد الدولة الديلمي، فأجزل جائزته، ورجع من عنده قاصدا بغداد، ثم الكوفة، وذلك لثمان خلون من شعبان، فعرض له فاتك بن أبي الجهل الأسدي في عدة من أصحابه، وكان مع المتنبي أيضا جماعة من أصحابه، فقاتلوهم، فيقال: إن المتنبي لما رأى الغلبة .. فر، فقال له غلامه: لا يتحدث الناس عنك بالفرار وأنت القائل: [البسيط]

الخيل والليل والبيداء تعرفني ... والحرب والضرب والقرطاس والقلم (١)

فكرّ راجعا حتى قتل، وقتل قبله ابنه محسد-بضم الميم، وفتح الحاء، والسين المشددة بين المهملتين-وقتل معه غلامه مفلح بالقرب من النعمانية في موضع يقال له:

الصافية، وقيل: حيال الصافية في الجانب الغربي من سواد بغداد عند دير العاقول بينهما مسافة ميلين، وذلك يوم الأربعاء لست بقين من شهر رمضان سنة أربع وخمسين وثلاث مائة، وكان ميلاده بالكوفة في محلة تسمى كندة سنة ثلاث وثلاث مائة.

ورثاه أبو القاسم المظفر بقوله: [من الخفيف]

لا رعى الله سرب هذا الزمان ... إذ دهانا في مثل ذاك اللسان

ما رأى الناس ثاني المتنبي ... أي ثان يرى لبكر الزمان

كان من نفسه الكبيرة في جي‍ ... ش وفي كبرياء ذي سلطان

هو في شعره نبي ولكن ... ظهرت معجزاته في المعاني

ويحكى أن المعتمد بن عباد اللخمي صاحب قرطبة وإشبيلية أنشد يوما بيت المتنبي وهو من جملة قصيدته المشهورة: [من الطويل]

إذا ظفرت منك العيون بنظرة ... أثاب بها معيي المطي ورازمه (٢)


(١) «ديوان المتنبي» (٩/ ٣٦٩).
(٢) «ديوان المتنبي» (٣/ ٣٣١)، والرازمة من النوق أو الرازم من الإبل: الذي قام من الإعياء وأقعده الهزال عن المشي، والمعنى: الإبل التي عجزت عن المشي إذا نظرت إليك .. رجعت قوتها، فكيف الظن بنا نحن وحياتنا برؤيتك! !

<<  <  ج: ص:  >  >>