للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسلاح والرجال، وذلك في سنة ثمان وخمسين، فبرز جوهر بالعساكر ومعه أكثر من مائة ألف فارس، وأكثر من ألف ومائتي صندوق من المال، وخرج المعز لوداعه، ثم قال لأولاده: انزلوا لوداعه، فنزلوا عن خيولهم، فنزل جميع أهل الدولة لنزولهم، والمعز متكئ على فرسه، وجوهر واقف بين يديه، ثم قبل جوهر يد المعز وحافر فرسه، فقال له: اركب، فركب وسار بالعساكر، فلما رجع المعز إلى قصره .. أنفذ إلى جوهر ملبوسه وكل ما كان عليه سوى خاتمه وسراويله.

وكتب المعز إلى عبده أفلح صاحب برقة أن يترجل للقاء جوهر، ويقبل يده عند لقائه، فبذل أفلح مائة ألف دينار على أن يعفى من ذلك، فلم يعف، وفعل ما أمر به عند لقائه.

فلما وصل الخبر إلى مصر بوصول جوهر بالعساكر .. اضطرب أهلها، واتفقوا مع الوزير ابن الفرات على المراسلة في الصلح وطلب الأمان، وأرسلوا بذلك أبا جعفر مسلم بن عبيد الله الحسيني مع جماعة من أهل البلد، وكتب الوزير معهم كتابا بما يريد، فتوجهوا نحو القائد جوهر وكان قد نزل بقرية قرب الإسكندرية، فوصل إليه الشريف ومن معه، وأدوا إليه الرسالة، فأجابهم إلى ما التمسوه، وكتب لهم عهدا بما طلبوه، فاضطرب البلد اضطرابا شديدا، وأخذت الإخشيذية والكافورية وجميع العساكر لأهبة القتال، وساروا بالعساكر نحو الجيزة ونزلوا بها، وحفظوا الجسر، ووصل القائد جوهر، وابتدأ بالقتال، وأسرت رجال، وأخذت خيل، ومضى جوهر إلى منية الصيادين، وأخذ المخاضة بمنية شلقان، واستأمن إلى جوهر جماعة من العسكر في مراكب، وجعل أهل مصر على المخاضة من يحفظها، فلما رأى ذلك جوهر .. قال لجعفر بن فلاح: لهذا اليوم أرادك المعز، فعبر عريانا في سراويل ومعه الرجال خوضا حتى خرجوا إليهم، ووقع القتال، فقتل خلق من الإخشيذية وأتباعهم، وانهزموا في الليل، ودخلوا مصر وأخذوا من دورهم ما قدروا عليه، وخرجت حرمهم ماشيات، ودخلن على الشريف أبي جعفر في مكاتبة القائد بإعادة الأمان، فكتب إليه يهنئه بالفتح ويسأله إعادة الأمان، فعاد جوابه بأمانهم، ثم ورد رسوله إلى جعفر بأن يجتمع مع جماعة من الأشراف والعلماء ووجوه البلد، فاجتمعوا به في الجيزة، فنادى مناديه: ينزل الناس كلهم إلا الوزير والشريف، فنزلوا وسلموا عليه واحدا بعد واحد، فأخذ الوزير عن شماله والشريف عن يمينه، ولما فرغوا من السلام .. ابتدءوا بدخول البلد، فدخلها وقت الزوال وعليهم السلاح والعدد، ودخل جوهر بعد العصر وخيوله وجنوده بين يديه، وعليه ثوب ديباج، وتحته فرس أصفر، فنزل موضع القاهرة اليوم، فاختط موضع القاهرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>