فقال أبو العلاء: كأنما نظر المتنبي إليّ بلحظ الغيب حيث يقول: [من البسيط]
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي ... وأسمعت كلماتي من به صمم
واختصر «ديوان أبي تمام» وشرحه، وكذا «ديوان البحتري»، و «ديوان المتنبي» وتولى الانتصار لهم، وانتقد عليهم في مواضع.
وله من النظم «لزوم ما لا يلزم» في نحو خمسة أجزاء، وله «سقط الزند»، وشرحه بنفسه وسماه: «ضوء السقط»، وله الكتاب المعروف ب «الهمزة والردف» يقارب المائة جزء في الأدب.
ومن لطيف نظمه قوله: [من البسيط]
لو اختصرتم من الإحسان زرتكم ... والعذب يهجر للإفراط في الخصر
الخصر-بالخاء المعجمة والصاد المهملة المفتوحتين-: البرد.
ومن نظمه المشير به إلى فضله: [من الطويل]
وإني وإن كنت الأخير زمانه ... لآت بما لم تستطعه الأوائل
يقال: إنه لما أنشد هذا البيت .. قال له بعض الصغار الذين في المكتب: قد أجمع الأولون على أن حروف الهجاء ثمانية وعشرون، فزد لنا أنت حرفا لا نستغني عنه، أو أنقص منها حرفا لا نحتاج إليه، فأبهته.
وكان فيه ذكاء مفرط.
يحكى أنه لما دخل بغداد .. حضر مجلس الشريف المرتضى، وكان الشريف يغض من شعر المتنبي، والمعري يمدحه، حتى قال: ولو لم يكن من شعره إلا قصيدته التي يقول فيها: [من الكامل]
لك يا منازل في القلوب منازل
.. لكفاه ذلك، فأمر الشريف المرتضى بإخراجه من المجلس مسحوبا، ثم قال:
أتدرون ما عنى الأعمى في القصيدة المذكورة، إنما أومأ فيها إلى قول المتنبي:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني كامل
وممن أخذ عن المعري أبو القاسم التنوخي، والخطيب أبو زكريا التبريزي وغيرهما.