للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقام ببلدة المعرة، وقصده الطلبة من الآفاق.

نظم الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة، ومن نظمه: [من الكامل]

لا تطلبن بغير حظ رتبة ... قلم البليغ بغير حظ مغزل (١)

سكن السماكان السماء كلاهما ... هذا له رمح وهذا أعزل

قال الشيخ اليافعي: (أشرك بين السماكين في نيل المرتبة مع كون أحدهما ذا آلة يكتسب بها المراتب، وهي الرمح، ولي ثلاثة أبيات خصصت بالمرتبة الخالي منهما عن الآلة، وهو الأعزل حيث قلت: [من الكامل]

لو كان بالآلات حظ يحصل ... والسعد يأتي والعطايا تجزل

ما كان في عالي المنازل رامح ... أو لم يحزها دون ذلك أعزل

لكنه من دونه قد حازها ... في سوحه البدر المتمم ينزل

وكلا النظمين في قوافيهما التزام ما لا يلزم) (٢).

قيل: إن المعري مكث خمسا وأربعين سنة لا يأكل اللحم، يرى رأي الحكماء المتقدمين في تحريم إيلام الحيوان وذبحه، وهو خلاف ما جاءت به الشرائع.

توفي ليلة الجمعة ثاني عشر شهر ربيع الأول من سنة تسع وأربعين وأربع مائة، ورثاه تلميذه أبو الحسن بن همام يشير إلى ما كان يراه ويدين به من تحريم ذبح الحيوان مطلقا بقوله: [من الكامل]

إن كنت لم ترق الدماء زهادة ... فلقد أرقت اليوم من جفني دما

سيّرت ذكرك في البلاد كأنه ... مسك فسامعه يعطر أو فما

قال الشيخ اليافعي: (يعني: أن طيب ثنائه يعطر سامعه والمتكلم به المثني عليه، واقتصر على الفم لضيق المقام في مساعدة الوزن على عموم المتكلم دون تخصيص فمه، قال: ويحتمل أنه أراد بالتعطير تعميم السامع والمتكلم، وتكون (أو) بمعنى الواو، مثلها في قوله تعالى: {وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} على رأي، والله سبحانه أعلم) (٣).


(١) كذا في «مرآة الجنان» (٣/ ٦٨)، وفي غيره: لا تطلبنّ بآلة لك رتبة قلم البليغ بغير جدّ مغزل
(٢) «مرآة الجنان» (٣/ ٦٨).
(٣) «مرآة الجنان» (٣/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>