للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بفضائله الركبان، أبو زكريا صاحب «البيان» من بني عمران (١)، المنتسبين إلى معد بن عدنان.

ولد في سنة تسع وثمانين وأربع مائة، وهو أكثر من انتشر العلم عنه من أهل الطبقة.

تفقه في بدايته بخاله أبي الفتوح، أخذ عنه «التنبيه» و «كافي الصّردفي» في الفرائض، ثم قرأ «التنبيه» ثانيا على موسى الصعبي، ثم قدم إليهم الفقيه عبد الله بن أحمد الزبراني باستدعاء من بعض مشايخ قومه بني عمران، فأخذ عنه «المهذب» و «اللمع» غيبا و «المخلص» و «الإرشاد» لابن عبدويه، وأعاد عليه «كافي الصردفي»، ثم ترافق هو والشيخ عمر بن علقمة إلى إحاظة، فقرأ عليه «المهذب» و «تعليقة الشيخ أبي إسحاق» في الأصول، و «الملخص» ثم «غريب أبي عبيد» وغير ذلك من مسائل الدور والخلاف، ثم لما عادا السفال .. درسا ما قرآه، ثم أخذ عنه «كافي الصفار» و «الجمل» في النحو، وقرأ الدور مرة ثانية على عمر بن بيش اللحجي، ويقال: الأبيني.

قال الجندي: (وجدت تعليقة بخط الفقيه أبي الخطاب عمر بن محمد بن مضمون، فيها أن الإمام يحيى بن أبي الخير تعلم القرآن وأكمل حفظه غيبا، وقرأ «المهذب» و «التنبيه» و «الفرائض» ولم يبلغ من العمر غير ثلاث عشرة سنة من مولده، ثم لما قدم اليفاعي من مكة إلى الجند وقد صار هذا الشيخ يدرّس .. وصل الجند بجمع من درسته، فأخذ عنه «المهذب» ثالثة، ثم «النكت»، ثم طلع قرية سهفنة بعد موت اليفاعي، فأخذ بها عن القاضي مسلم بن أبي بكر كتاب «الحروف السبعة» في علم الكلام تأليف المراغي، ثم انتقل إلى ذي أشرق، فأخذ عن الفقيه سالم الأصغر «جامع الترمذي» وتزوج في سنة سبع عشرة وخمس مائة أم ولده طاهر، وكان تسرّى قبلها بحبشية، وفيها ابتدأ مطالعة الشروح، وجمع منها ما يزيد على «المهذب» كتابا سماه: «الزوائد» فرغ منه في سنة عشرين وخمس مائة.

ثم حج وزار، واجتمع في مكة بالفقيه الواعظ المعروف بالعثماني، فجرت بينهما مناظرات في شيء من الفقه والأصولين، وكان العثماني على مذهب الأشعري في المعتقد، فناظر الشيخ مرارا، فكان الشيخ يقطعه ويقيم عليه الحجة بقوله: إن المسموع المفهوم ليس بكلام الله، بل عبارة، فيحتج عليه بقوله تعالى: {إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}


(١) وقد طبع الكتاب بحمد الله تعالى لأول مرة عن (دار المنهاج) سنة (٢٠٠٠ م) بعناية الشيخ قاسم محمد النوري.

<<  <  ج: ص:  >  >>