للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قتل عام فتح مكة وهو متعلّق بأستار الكعبة، ونزل فيه قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ} الآية.

وفيها: اقتتل أنصاري ومهاجري، فقال المهاجري: يا للمهاجرين، وقال:

الأنصاري: يا للأنصار، فغضب عبد الله بن أبيّ ابن سلول وقال: قد تداعوا لنا، ثم قال لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضّوا، وقال عدو الله: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، في كلام كثير، فحمل زيد بن الأرقم الأنصاري مقالته إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فعاتبه النبي صلّى الله عليه وسلم، فحلف: ما قلت شيئا من ذلك، وإن زيدا لكاذب، فصدقه من حضر من الأنصار، وكذّبوا زيدا ولاموه حتى استحيى وندم، ووقع الخوض في ذلك؛ فنزلت (سورة المنافقين) بأسرها، فقال صلّى الله عليه وسلم: «يا زيد؛ إن الله قد صدقك وأوفى بأذنك» (١) أي: استماعك، فلما قرب عبد الله بن أبيّ من المدينة .. منعه ابنه عبد الله بن عبد الله بن أبيّ من دخولها، وقال:

والله؛ لا تدخلها إلا بإذن رسول الله صلّى الله عليه وسلم؛ ليعلم اليوم من الأعز ومن الأذل؟ فأرسل إليه النبي صلّى الله عليه وسلم: أن خلّ عنه، فدخلها (٢).

وفي هذه الغزوة: كانت رخصة التيمم؛ ففي «الصحيحين»: عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش .. انقطع عقد لي، فأقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم على التماسه، وأقام الناس معه، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء؟ ! فجاء أبو بكر ورسول الله صلّى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال: أحبست رسول الله صلّى الله عليه وسلم والناس وليس معهم ماء؟ ! فعاتبني أبو بكر، وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعن بيده في خاصرتي، ولا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم على فخذي، فنام رسول الله صلّى الله عليه وسلم حتى أصبح على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم، فتيمموا (٣).

قال الحافظ العامري: (والأقرب: أن المراد آية النساء لا آية المائدة) اهـ‍ (٤)


(١) أخرجه البخاري (٤٩٠٦)، ومسلم (٢٥٨٤).
(٢) انظر «طبقات ابن سعد» (٢/ ٦١).
(٣) «صحيح البخاري» (٤٩٠٦)، و «صحيح مسلم» (٢٥٨٤).
(٤) «بهجة المحافل» (١/ ٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>