للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحربه، فخرج إليهم، واستعمل على المدينة أبا ذر الغفاري، فلقيهم النبي صلّى الله عليه وسلم بالمريسيع من ناحية قديد، فهزم الله بني المصطلق، وقتل منهم من قتل، ونفّل رسوله أبناءهم ونساءهم وأموالهم، وكان من سباياهم أم المؤمنين جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، وكان أبوها قائد الجيش يومئذ، وصارت جويرية في سهم ثابت بن قيس بن شمّاس، فكاتبها، فجاءت رسول الله صلّى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها، وكانت ملاّحة من رآها أحبها، فقال لها صلّى الله عليه وسلم: «هل لك في خير من ذلك؛ أقضي كتابتك وأتزوجك؟ »، قالت: نعم، قال: «قد فعلت»، فتزوجها، فلما علم الناس تزويجه لها .. أرسلوا ما بأيديهم من سبي بني المصطلق، وقالوا: أصهار رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قالت عائشة رضي الله عنها: فما أعلم امرأة كانت على قومها أعظم بركة منها؛ فلقد أعتق بسببها أهل مائة بيت (١).

وفي هذه الغزوة: أصيب هشام بن صبابة من المهاجرين بأيدي المسلمين خطأ، فقدم أخوه مقيس من مكة وأظهر الإسلام، فأمر له رسول الله صلّى الله عليه وسلم بدية أخيه، ثم عدا على قاتل أخيه فقتله، ورجع إلى مكة مرتدا، وقال في ذلك: [من الطويل]

وكانت هموم النّفس من قبل قتله ... تلمّ فتحميني وطاء المجامع

حللت به وتري وأدركت ثؤرتي ... وكنت إلى الأوثان أوّل راجع


= البخاري عن موسى بن عقبة، وهو مردود، قال الحافظ في «الفتح» (٧/ ٤٣٠): (كذا ذكره البخاري، وكأنه سبق قلم أراد أن يكتب سنة خمس فكتب سنة أربع، والذي في «مغازي موسى بن عقبة» من عدة طرق أخرجها الحاكم وأبو سعيد النيسابوري والبيهقي في «الدلائل» (٤/ ٤٤) وغيرهم: سنة خمس) اهـ‍، وقد ذكرها في السنة الخامسة كل من الواقدي في «المغازي» (١/ ٤٠٤)، وابن سعد في «الطبقات» (٢/ ٥٩)، وابن الجوزي في «المنتظم» (٢/ ٣٠٨) والذهبي في «التاريخ» (٢/ ٢٥٨) وقال: (كانت في شعبان سنة خمس على الصحيح، بل على المجزوم به)، وقد تبع ابن إسحاق في قوله: (إنها في السادسة) كلّ من الطبري في «التاريخ» (٢/ ٦٠٤)، وابن الأثير في «الكامل» (٢/ ٧٦)، قال الحافظ في «الفتح» (٧/ ٤٣٠): (فلو كان المريسيع في شعبان سنة ست مع كون الإفك كان فيها .. لكان ما وقع في «الصحيح» من ذكر سعد بن معاذ غلطا؛ لأن سعد بن معاذ مات أيام قريظة، وكانت سنة خمس على الصحيح كما تقدم تقريره، فيظهر أن المريسيع كانت سنة خمس في شعبان لتكون قد وقعت قبل الخندق؛ لأن الخندق كانت في شوال من سنة خمس أيضا فتكون بعدها، ويؤيده أيضا: أن حديث الإفك كان سنة خمس؛ إذ الحديث فيه التصريح بأن القصة وقعت بعد نزول الحجاب، والحجاب كان في ذي القعدة سنة أربع عند جماعة، فيكون المريسيع بعد ذلك، فيرجح أنها سنة خمس) اهـ‍، وبناء على هذا: فقد ترجح لنا أنها كانت سنة خمس-كما جزم بذلك الذهبي- والخندق بعدها، فقول المصنف: (إن الخندق سنة أربع) مردود أيضا، والله أعلم، وهو ما اعتمده البخاري في (كتاب المغازي) باب: غزوة الخندق، وأخرجه فيه معلقا قول موسى بن عقبة: إنها سنة أربع، وانظر كلام الحافظ في «الفتح» (٧/ ٣٩٣)، و «دلائل البيهقي» (٣/ ٣٩٤) وما بعدها.
(١) أخرجه الحاكم (٤/ ٢٦)، وأبو داود (٣٩٢٧)، والبيهقي (٩/ ٧٤)، وأحمد (٦/ ٢٧٧)، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>